للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالوا قد جننت فقلت كلا ... وربي ما جننت ولا انتشيت

ولكني ظلمت فكدت ابكي ... من الظلم المبرح أو بكيت

فإنَ الماء ماء أبي وجدي ... وبئري ذو حفرة وذو طويت

وقبلك رب خصم قد تمالوا ... علي فما جزعت ولا نيت

ولكني نصبت لهم جبيني ... وألة فارس حتى قريت

وقال تأبط شرا:

ألم تعلم بأني لا كبير ... فتهونه ولا ضرع شخيت

وإنَّ على وداعي كل خير ... وإنَّ قذافي الموت المميت

الضرع: الضعيف والشخيت: الضئيل الحقير والوداع: المودعة والمسالمة والقذاف: المقاذفة اللسان وقال المأمون العباسي:

وما أحد طالت له لحية ... فزادت اللحية في هيئته

إلاّ وما ينقص من عقله ... اكثر مما زاد في لحيته

وكان يوما جالسا مع ندمائه يذكرون أخبار الناس فقال المأمون: ما طالت لحية إنسان قط إلاّ نقص من عقله بمقدار ما طال من لحيته وما رأيت عاقلا قط طويل اللحية فلم يسلم له جلساؤه ذلك. فبينما هم كذلك إذ اقبل رجل كبير اللحية حسن الهيئة حسن الثياب. فقال المأمون: ما تقولون في هذا الرجل؟ فقال بعضهم: هو رجل عاقل وقال آخر: يجب إنَّ يكون هذا قاضيا. فقال المأمون: علي به فلم يلبث أن صعد إليه فسلم وأجاد السلام واستنطقه بأحسن المنطق. فقال المأمون: أبو حمدوية. قال: ما الكنية؟ قال: علوية. فضحك المأمون واقبل على جلسائه فغمزهم عليه ثم قال: ما صنعتك؟ قال: أنا فقيه أجيد الشرح للسائل. فقال المأمون: نسألك عن مسألة؟ قال: سل عما بدا لك! فقال المأمون: ما تقول في رجل اشترى شاة من رجل فلما سلمها المشتري ومضى خرجت من أستها بعرة ففقأت عين رجل. على من تجب دية

<<  <  ج: ص:  >  >>