للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقول الآخر:

والليالي كما علمت حبالى ... مقربات يلدن كل عجيب

وقول الآخر:

الدهر لا ينفك عن حدثانه ... والمرء منقاد لحكم زمانه

فدع الزمان فانه لم يعتمد ... لجلالة أحد ولا لهوانه!

كالمزن لم يخصص بنافع صوبه ... أفقا ولم يخش أذى طوفانه

لكن لباريه بواطن حكمةٍ ... في ظاهر الأضداد من أكوانه

وقول الآخر:

دع المنى! ربما نيلت بلا طلبٍ ... وربما وقع الحرمان من المهن!

وقول الآخر:

الدهر كالطيف بؤساه وأنعمه ... من غير قصد: فلا تمدح ولا تذم

لا تسأل الدهر في غماء يكشفها: ... فلو سألت دوام البؤس لم يدم!

وقوله: ولا تذم، إنَّ كان بكسر الذال من قولك ذامه يذمه ذيما وذاما أي عابه فهو صحيح؛ وإنَّ كان بضمها من قولك ذمه يذمه فهو مذموم فلحن أو ضرورة بشيعة.

وقول أبي بكر الخوارزمي:

ما أثقل الدهر على من ركبه ... حدثني عنه لسان التجربه!

لا تحمدن الدهر لشيء سببه ... فانه لم يعتمد بالهبه

وإنّما أخطأ فيك مذهبه ... كالسيل إذ يسقي مكاناً أخربه!

والسم يستشفي به من شربه

قلت: وشعر هذين الشاعرين ينحو منحى زهير إذ يقول:

رأيت المنايا خبط عشواء من تصب ... تمته ومن تخطئ يعمر فيهرم

لا سيما الشاعر الأول. ولا شك إنَّ ما ذكره زهير خطأ وجهل بالتدبير الرباني، والتصريف الاختياري، وأنَّ كل ذلك واقع عن علم وسبق مشيئة. وإنَّ كان يمكن أنَّ يتأول الكلام لو صدر من موحد بأن ذلك بحسب الصورة الظاهرة. ومثل المنايا صروف الدهر وحوادثه سواء.

<<  <  ج: ص:  >  >>