متفجس أي متبكر بالدهر، أي رعده، تشبيها بهدر البعير؛ والعجاف أراد بها الأرضين المجدبة مجازاً؛ ومعنى لقحت حملت؛ أي أنبت عشبها. وقوله بعد تجلئ أي شربت بعد امتناع من الماء زمانا، من قولك: حلأته، أي دفعته وطردته. وأما اللاقح فأصلها في الحيوان أيضاً. يقال: لقحت الناقة بالكسر إذا حملت وألقحها الفحل، فهي لاقح ولقوح ولقحة بالكسرو يفتح. وحمع اللاقح لواقح ويجمع اللقوح لقح، وجمع اللقحة لقح، كقربة وقرب ولقح. وثم ضربوها مثلاً للحرب إذا عظمت واشتدت تشبيها لها بالناقة إذا جملت فعظم بطنها. قالت الفارغة بنت طريف:
ولم تسع يوم الحرب والحرب لاقح ... وسمر القنا ينكزنها بأنوف
ومنه قول زهير السابق: إذا لقحت حرب عوان مضرة.
ومن أبلغ ما ورد في هذا المعنى قوله أيضاً في ميميته، حيث وصف الحرب فقال:
وما الحرب إلاّ ما علمتم وذقتم ... وما هو عنها بالحديث المرجم
متى تبعثوها ذميمة ... وتضر إذا ضريتموها فتضرم
فتعكرتم عرك الرحا بثفالها ... وتلقح كشافا ثم تحمل فتتئم
فتغلغل لكم مالا تغل لأهلها ... قرى بالعراق من قفيز ودرهم
قوله تبعثوها ذميمة أي مذمومة، وكان الأفصح أن يقول ذميما، بغير هاء. ويروى بالدال المهملة، أي حقيرة، إشارة إلى معنى ما تقدم في قول الآخر: الحرب أول ما تكون فتية. وقوله عرك الرحا بثفالها، أي وهي على ثفالها. والثفال بالثاء المثلثة مكسورة ما يجعل تحت الرحا حال الطحن، يريد: تعرككم عرك الرحا إذا كانت طاحنة. وقوله تلقح كشافا: الكشاف إنَّ يحمل الفحل على الناقة سنتين ولاء أو كل سنة، أو أن تلقح حين تنتج، أو أن يضربها وهي حامل. وهي ناقة كشوفة، وقد كشفت تكشف، كشفا. وأراد أن هذه الحرب كلما خمدت عاجت. وقوله فتتئم، أي تأتي من حملها بتوءمين، وهذا تهويل وتعظيم لامر الحرب، وإيهام أنَّ شرها متكرر وهولها متضاعف. وشبهها بالناقة لما تقدم، ولأنها أيضاً يطول أمرها فتكون بمنزلة الناقة التي تضرب، ثم تحمل، ثم تنتج، ثم تفطم. وقيل لأنها يتحلب منها من الدماء مثل ما يتحلب من الناقة من اللبن. وقوله فتنتج لكم غلمان أشأم، فوضع أشأم