ويروى: أفضلهما من كانت ابنته تحته على إنَّ السؤال كان على الأفضلية. ففهم السنية أبا بكر وفهم الشيعة عليا ورضي الفريقان. ومحاسن هذا النوع أكثر من أن تحصى. وقد خرجنا عن الغرض فلنعد إلى المقصود. وقال أبو محمّد الحريري:
يقولون إنَّ جمال الفتى ... وزينته أدب راسخ
وما أن يزين سوى المكثرين ... ومن طود سودده شامخ
فأما الفقير فخير له ... من الأدب القرص والكامخ
وأي جمال له أن يقال ... أديب يعلم أو ناسخ
الكامخ: شيء يؤتدم به أو طعام يتخذ من الحنطة واللبن على أنواع والعرب كانت لا تعرفه. وقدم لأعرابي فقال: ما هذا؟ فقيل له: كامخ. فقال: مم صنع؟ فقيل: من الحنطة واللبن. فقال: أبوان كريمان وما أنجبا وقلت:
إذا المرء إن أرضيته كان لي أخا ... وإن أس عادني فما هولي بأخ
فلا خير في ود امرئ ليس صافيا ... تراه بأدران المساوي قد اتسخ
ولا خير في ود يكون تكلفا ... ولا في ودود حيث لنت له شمخ
وما الود إلاّ ما تكنفه الحشا ... متى تهزز الأحداث أغصانه رسخ
وقلت أيضاً في هذا المعنى:
ولا تبت من فتى على ثقة ... ولا يغرن حجاك من آخى
حتى تراه لدى النوائب إن ... قاضيه في الحاجات هل ساخى
وعند سعي الوشى هل ثبتت ... رجلا حشاة في الود أم ساخا
سخى الأول فاعل من السخاء وهو الكرم وساخ الثاني من ساخ يسوخ ويسيخ إذا هوى في الطين ونحوه وفيهما يكون الجناس التام.
ولنكتف بهذا القدر من هذا الباب والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.