للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على مكثريهم " البيت " قوله: إن يستخبلوا، الاستخبال أن يستعير الرجل من آخر إبلا يحلبها ويشرب ألبانها فإذا أخصب ردها. وأنكر بعضهم هذا اللفظ وقال: لعله قال يستخولوا والاستخوال يملكها إياه.

وقوله: أن ييسروا يغلوا، يريد أنهم إذا يسروا بالقداح أعطوا سمان الإبل وأغلاها ثمنا. وتقدم هذا المعنى. وقال أعرابي كان يمنعه أبوه من الضرب في الأرض وطلب المعيشة شفقة عليه فكتب إلى أبيه:

ألا خلني أذهب لشأني ولا أكن ... على الناس كلا إنَّ ذا لشديدُ

أرى الضرب في البلاد يغني معاشرا ... ولم أر من يجدي عليه قعودُ

أتمنعني خوف المنايا ولم أكن ... لأهرب مما ليس عنه محيدُ؟

فدعني أجول في البلاد لعلني ... أسر صديقاً أو يساء حسودُ

فلو كنت ذا مالٍ لقرب مجلسي ... وقيل إذا أخطأت أنت سديدُ

وسياتي ما قيل في هذا المعنى بعد إن شاء الله تعالى وقال كلثوم بن عمرو:

إنَّ الكريم ليخفي عنك عسرته ... حتى تراه غنياً وهو مجهودُ

وللبخيل على أمواله عللٌ ... زرق العيون عليها أوجهٌ سودُ

وكان كلثوم هذا كتب إلى صديق له: أما بعد أطال الله بقاءك وجعله يمتد بك إلى رضوانه والجنة! فإنك كنت عندنا روضة من رياض الكرم تبتهج النفوس لها وتستريح القلوب إليها. وكنا نعفيها من النجعة استتماما لزهرتها وشفقة على خضرتها وادخارا لثمرتها حتى اصابها سنة كانت عندي قطعة من سني يوسف واشتد علينا كدها وغابت عنا فضلها وكذبتنا غيومها وأخلفتنا بروقها وفقدنا صالح الإخوان فيها فانتجعتك وأنا بانتجاعي إياك شديد الشفقة عليك مع علمي بأنك نعم موضع الزاد وأنك نغطي عين الحاسد. والله يعلم أني ما أعدك إلاّ في حومة الأهل. وأعلم أنَّ الكريم إذا استحيا من إعطاء القليل ولم يحضره الكثير لم يعرف

<<  <  ج: ص:  >  >>