للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكنا كزوجٍ من قطا في مفازةٍ ... لدى خفض عيش معجب مونق رغدِ

أصابها ريب الزمان فأفردا ... ولم نر شيئاً قط أوحش من فردِ

حكي عن أبي الموءل قال: دخلت منزل نخاس في شراء جارية فسمعت في بيت بإزاء البيت الذي فيه صوت جارية وهي تقول: وكنا كزوجٍ. . " البيتين " فقلت للنخاس: اعرض علي هذه المنشدة! فقال: إنها شعثة مرهاء حزينة. فقلت: ولم ذاك؟ قال: اشتريتها من ميراث فهي باكية على مولاها. ثم لم ألبث أن أنشدت:

وكنا كغصني بانةٍ وسط روضةٍ ... نشم جنى الرضات في عيشةٍ رغدِ

فأفرد هذا الغصن من ذاك قاطعٌ ... فيا فردةً باتت تحنُ إلى فردِ

قال أبو السموءل: فكتبت إلى عبد الله بن طاهر أخبره بخبرها فكتب إلي أن ألق هذا البيت عليها فإن أجابت فاشتريها ولو بخراج خراسان! والبيت هو:

قريبٌ صد بعيد وصلٍ ... جعلته منه لي ملاذا

قال: فألقيته فقالت في سرعة:

فعاتبوه فذاب شوقاً ... ومات عشقاً فكان ماذا؟

قال: فاشتريتها وحملتها إليه فماتت في الطريق فكانت إحدى الحسرات.

وقال عمرو بن معدي كرب:

أريد حياته ويريد قتلي ... عذيرك من خليلك من مرادِ

وهذا مثل مشهور كان علي كرم الله وجهه فيما يروون يتمثل به عندما يرى ابن ملجم. وتمثل به غيره أيضاً كما في حرف الهمزة. والعذير: العاذر والحال التي تحاولها لتعذر عليها. والعرب يقولون: عذريك من فلان وينصبونه بعامل لا يظهر. والمعنى: هلم من يعذرك من فلان فيلومه ولا يلومك كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: من يعذرني من أناس أبنو أهلي في حديث الافك. وقال زيد الخيل:

أمرتحلٌ قومي المشارق غدوةً ... وأترك في بيتٍ بفردة منجدِ؟

إلاّ رب يومٍ لو مرضت لعادني ... عوائد من لم يبر منهن يجهدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>