للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقامت على ما بيننا من صبابةٍ ... أميمة أم غيت مودتها بعدي؟

فخال من الأخدان كل مساعدٍ ... على أي حالٍ خضته صادق العهد

حليم غضيض الطرف عما يربيه ... سليم الحشا من هاجس الضغن والحقد!

فإنَّ وداد المرء كالظل زائل ... إذا لم يكن بين الجوانح عن عقد

وإنَّ حبال الوصل منقوضة العرى ... إذا لم تكن في القلب محكمة المسد

وإنَّ بناء شدته وأشتده ... لواهٍ إذا لم يرس عن ثابت العمد

وإنَّ ركيا ردته ووردته ... لغور إذا لم يزك من باطن المد

فهل تستوي عادية بخميلةٍ ... بها الماء عد دائم بحسى ثمد؟

وإنَّ أليف المرء إلف مشاكل ... وأحسن شيء ضمك الند للند

ولا تطمعن من غير شكل مودة ... تودم ويجني الود فيها على الود!

فإنَّ السجايا في الأنام سوية ... وشتى وبدع صحبة الضد للضد

وانك ما أبصرت أسداً أليفة ... لحمر وغربانا تحن إلى العفد

وما المرء إلاّ أبن الثرى فمراحه ... وإنَّ عاش أزمانا إلى ذلك المهد

وعمر الفتى المضمار بينا جواده ... يباري مداه إذ هوى في هوى اللحد

وبينا الفتى يزهو بمال وأسرةٍ ... إذا هو يشجى بالرزايا وبالفقد

إذا ما سمعت الدهر عولة حائر ... فكن حائر فكن راصد أمثالها إنّها تعدي

وقلت أيضاً:

أستغفر الله قد ضيعت نحوكم ... خطا وذلك من أخطائي السددا

سلكت فيها خباراً بل وطئت بها ... شوك القتاد ولم أسلك بها جددا

لو كنت أعلم ما ألقى ببابكم ... جعلت تصفيد رجلي دونكم صفدا

وقال الآخر:

إنَّ وصفوني فناحل الجسد ... أو فتشوني فأبيض الكبد

أضعف وجدي وزاد في سقمي ... أنا لست أشكو الهوى إلى أحد

أهٍ من الحب أهٍ من كبدي ... إنَّ لم أمت في غد فبعد غد

جعلت كفي على فؤادي من ... حر الهوى وانطويت فوق يدي

كأن قلبي إذا ذكرتكم ... فريسة بين ساعدي أسد!

<<  <  ج: ص:  >  >>