السواد، فجعل ينفقها هنالك في شرب الخمر. فطلبه موسى فلم يجده وخشي فوت الحج فخرج. فلما شارف القادسية إذا هو بأبي دلامة خارجا من قرية إلى أخرى سكران. فأمر به فأخذوه وقيد وطرح في محمل بين يديه. فلما سار غير بعيد اقبل على موسى وقال:
يا أيها الناس قولوا أجمعون معا: ... صلى الإله على موسى بن داود
كأنَّ ديباجتي خديه من ذهبٍ ... إذا بذلك في أثوابه السود
إني أعوذ بداود وأعظمه ... من أنَّ أكلف حجا يا أبن داود
خبرت أنَّ طريق الحج معطشة ... من الشراب وما بتصريد
والله ما في من أجر فتطلبه ... ولا الثناء على ديني بمحمود!
فقال موسى: ألقوه على المحمل، لعنه الله! فألقي به إلى قصفة بالسواد حتى أنفق المال. وقد قلت أنا قصيدة أكثرها يتعلق بالباب، فأثبت هنا، وهي:
هام الفؤاد بسعدي بعدما نزحت ... وأصبح الصبر عنها وهو مجذوذ
والعين منها سوابق الدموع على ... ميدان خد رديات مهابيذ
وأصبحت في الحشى من بينها حرق ... يصلى بها لن جراحات مغاذيذ
كأنما القلب إذ بانت ركائبها ... من الجوى صلب في النار محنوذ
وكنت قدما بها في روضة أنف ... من الوداد ثراها الدهر مرذوذ
أيام ورد المنى عذب مشاربه ... وغصن الود مهصور ومجبوذ
وإذ غفت مقل الأحداث وابتسمت ... سن المنى ولنا في الدهر تلميد