ومن يجعل المعروف من دون أهله ... يلاقي الذي لاقى مجير أم عامر
وسيأتي تتميم هذا الشعر وشرح قصته في الكاف إن شاء الله تعالى.
وقال شيخ من الأعراب نظر إلى امرأته تتصنع وهي عجوز:
عجوزٌ ترجى أن يكون فتيةً ... وقد لحب الجنبان واحد ودب الظهرُ
تدس إلى العطار سلعة بيتها ... وهل يصلح العطار ما أفسد الدهرُ؟
وزيد فيه:
وما غرني إلاّ خضابٌ بكفها ... ونجلٌ بعينيها وأثوابها الطهرُ
وجاؤوا بها قبل المحاق بليلةٍ ... فكان محاقها كله ذلك الشهرُ!
فقالت امرأته مجيبة:
ألم تر أنَّ الناب تحلب علبةً ... ويترك ثلبٌ لاضرابٌ ولا ظهرُ؟
ثم استغاثت بالنساء واستغاث بالرجال فإذا هم خلوف فاجتمع عليه النساء فضربنه.
قوله: لحب الجنبان أي قل لحمهما يقال لحب الرجل بالكسر إذا أنحله الكبر.
قوله: سلعة بيتها يريد السويق والدقيق ونحوهما والعرب تقول لكل عرض سلعة والناب: الناقة المسنة. والعلبة بالضم: القدح العظيم من الخشب أو من جلود الإبل يحلب فيه والثلب بالثاء المثلثة على مثال قرد: الجمل إذا سقطت أسنانه هرما وتناثر شعر ذنبه تقول: إنَّ الأنثى فيها نفع وإن أسنت بخلاف الذكر إذا أسن.
وقال بعض الأدباء:
وأتم الأشياء حسناً ونوراً ... بكر شكر زفت إلى صهر بر
ما قرآن السعدين في الحوت أبهى ... منظراً من قرآن بر وشكر!
وقال سعد بن ناشب:
تفدني فيما ترى من شراستي ... وشدة نفسي أم سعدٍ وما تدري
فقلت لها: إنَّ الكريم وإن حلا ... ليلفى على حالٍ أمر من الصبرِ
وفي اللين ضعفٌ والشراسة هيبةٌ ... ومن لا يهب يحمل على مركب وعرِ
وما بي على من لأنَّ لي من فظاظةٍ ... ولكنني فظ أبي على القسرِ