للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقيم صغى ذي الميل حتى أرده ... وأخطمه حتى يعود إلى القدرِ

فإن تعذليني تعذلي بي مرزءاً ... كريم نثا الإعسار مشترك اليسرِ

إذا هم ألقى بين عينيه همه ... وصمم تصميم الريجي ذي الأثرِ

قوله: كريم نثا الإعسار بتقديم النون: ذكر الرجل بجميل أو قبيح فهو مشترك. يقول إنه يثني عليه في الإعسار بخير وكرم وعفة والأثر بفتح الهمزة وكسرها: فرند السيف وهو رونقه وماؤه.

وقال سالم بن وابصة:

أحب الفتى ينفي الفواحش سمعه ... كأنَّ به عن كل فاحشةٍ وقرا

سليم دواعي الصدر لا باسطاً آذى ... ولا مانعاً خيراً ولا ناطقاً هجرا

إذا ما أتت من صاحبٍ لك زلةٌ ... فكن أنت محتالاً لزلته عذرا

غني النفس ما يكفيك من سد خلةٍ ... وإن زاد شيئاً عاد ذاك الغنى فقرا

وقال كثير وكان قد دخل على عبد الملك بن مروان رحمه الله تعالى فقال له: أأنت كثير؟ قال: نعم! قال: أن تسمع بالمعيدي خير من أن تراه! قال: يا أمير المؤمنين كل عند محله رحب الفناء شامخ البناء عالي السناء. ثم أنشأ يقول:

ترى الرجل النحيف فتزدريه ... وفي أثوابه أسد عصورُ

ويعجبك الطرير إذا تراه ... فيخيل ظنك الرجل الطريرُ

بغاث الطير أطولها رقاباً ... ولم تطل البزاة ولا الصقورُ

خشاش الطير أكثرها فراخاً ... وأم الصقر مقلات نزورُ

ضعاف الأسد أكثرها زئيراً ... وأصرمها اللواتي لا تزيرُ

وقد عظم البعير بغير لب ... فلم يستغن بالعظم البعيرُ

ينوخ ثم يضرب بالهراوى ... فلا عرفٌ لديه ولا نكيرُ

يقوده الصبي بكل أرضٍ ... وينحه على الترب الصغيرُ

فما عظم الرجال لهم بزينٍ ... ولكن زينتهم كرمٌ وخيرُ

فقال عبد الملك: لله دره ما أفصح لسانه! وأضبط جنانه! وأطول عنانه! والله إني لأظنه كما وصف نفسه! قوله: أسدٌ هصور الهصر بالصاد المهملة: الكسر

<<  <  ج: ص:  >  >>