الذي زعموا إنّه شكا إليه رجل مر بقوم ومعه امرأته على حمار. فضربوا الحمار وقطعوا ذنبه، فتخبط وطرح المرأة فأسقطت جنينا. فقال له: ادفع إليهم امرأتك يطؤونها حتى تحل ويردونها إليك: وأعطهم الحمار يستخدمونه حتى ينبت ذنبه ويردونه إليك! فيقال إنَّ الرجل دعا عليهم، فسخف بهم ولم يبق من أهل سذوم أحد.
وقال محي الدين الاسكندراني:
ومقعد أنَّ الرئاسة في الكبر ... فأصبح ممقوتا به وهو لا يدري
يجر ذيول العجب طالب رفعة ... ألا فأعجبوا من طالب الرفع بالجر!
وقال العرجي العثماني:
أضاعوني وأي فتى أضاعوا ... ليوم كريهة وسداد ثغر!
ويحكى إنّه كان فتى يجاور الأمام أبا حنيفة، رضي الله عنه، وكان يشرب كل ليلة، فإذا دب فيه الشراب جعل يغني. فكان أبو حنيفة يقوم من الليل ويسهر على النظر ويانس بغنائه. وكان أكثر ما يغني بقول العرجي هذا: أضاعوني وأي فتى أضاعوا. . الخ.
وبعده:
كأني لم اكن فيهم وسيطا ... ولم تك نسبتي في آب عمر
ثم ن الفتى خرج ليلة فأخذ العسس وحبس، فقد أبو حنيفة صوته في تلك الليلة. فلما أصبح سأل عنه فقيل إنّه محبوس، فدعا بدابته وركب إلى الأمير عيسى بن موسى. فلما استأذن عليه قال: أئذنوا له وأدخلوه راكبا، ولا تدعوه ينزل حتى يطأ بساطي! ففعلوا، فوسع له الأمير في مجلسه وأجلسه معه وقال: ما حاجتك؟ قال: جار لي أخذه العسس، فأمر بتخليته! قال: نعم، وكل من أخذ معه في تلك الليلة! فأطلقوا جميعا، وقيل إنّه بعد ثلاث ليال من حبسه. فقال الأمير: وكل من أخذ من تلك الليلة إلى وقتنا. وأطلق الجميع. فلما خرجوا دعا أبو حنيفة بالفتى فقال له: ألست كنت تغني أضاعوني وأي فتى أضاعوا، فهل أضعناك؟ قال: لا والله! بل حفظت وز رعيت جزاك الله خيرا، وعلي عهد الله ألا اشرب الخمر أبداً! وتاب إلى الله تعالى. وقال إسحاق الموصلي: