للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله:

إلى متى أنا لا انفك في بلدٍ ... ورهن جيمات جورٍ كلها عطب:

الجوع والجري والجريان والجدري ... والجهل والجبن والجرذان والجرب؟

وقول الآخر:

إذا كان في اسم المرء شين هوت به ... إلى الشر فليحذر أذاه المحاذر:

شريف وشيعي وشيخ وشاهد ... وشمر وشريب وشرح وشاعر

سوى الشافعي أو شاهد راق حسنه ... كذا الشهداء المتقون وشاكر

وهذه الأشعار، كما ترى، الكثير من أصحابها يقصد إلى إحراز غرض يفوته أغراض، فتجده إذا وفى بذلك الغرض تعلل به ولم يتحرز عن اللفظ الخسيس، ولا عن المقصد السقيم، ولا عن التركيب المختل، والسبك الركيك والحشو، وغير ذلك مما ينبئ إنَّ قائله متكلف رازم العارضة لين الجلدة، غير مطبوع.

وقال أعرابي يهجو قوما من طيء:

ولمّا أن رأيت بني خريقٍ ... جلوسا ليس بينهم جليس

يئست من التي أقبلت أبغي ... لديهم إنني رجل يؤوس

إذا ما قلت: أيهم لأي ... تشابهت المناكب والرؤوس!

قوله: ليس بينهم جليس، أي لا ينتجع الناس معروفهم فليس فيهم غيرهم وهذا من أقبح الهجو.

وقال أبو بكر الخوارزمي:

يا من يحاول صرف الراح يشربها ... ولا يفك لمّا يلقاه قرطاس

الكأس والكيس لم يقض امتلاؤهما ... ففرغ الكيس حتى تملأ الكاسا!

وقال عمرو بن معدي كرب:

أتوعدني كأنك ذو رعين ... بأنعم عيشة أو ذو نواس؟

فلا تفخر بملكك، كل ملك ... يصير لذلةٍ بعد الشماس!

ولنكتف بهذا القدر من هذا الباب! والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.

<<  <  ج: ص:  >  >>