هذا أوان الشد فاشتري زيم وتمثل به الحجاج في خطبته الكوفية.
قال أبو العباس المبرد في الكامل: حدثني الثوري في إسناد ذكره آخره عبد الملك أبن عمر الليثي قال: بينما نحن بالمسجد الجامع بالكوفة وأهل الكوفة إذ ذاك في حال حسنة يخرج الرجل منهم في العشرة والعشرين من مواليه إذ أتانا آت فقال: هذا الحجاج قد قدم أميرا على العراق! فإذا به قد دخل المسجد معتماً بعمامة قد غطى بها أكثر وجهه متقلدا سيفاً متنكباً قوساً يؤم المنبر فمكث ساعة لا يتكلم. فقال الناس بعضهم لبعض: قبح الله بني أمية حيث تستعمل مثل هذا على العراق! حتى قال عمير بن ضابئ البرجمي: ألا أصبه لكم؟ فقالوا: أمهل حتى تنظر! فلما رأى عيون الناس أليه حسر اللثام عن فيه ونهض فقال:
أنا أبن جلا وطلاع الثنايا ... متى أضع العمامة تعرفوني!
ثم قال: يا أهل الكوفة أني لأرى رؤوسا قد أينعت وحان قطافها وإني لصاحبها كأني أنظر إلى الدماء بين العمائم واللحى! ثم تمثل فقال:
هذا أوان الشد فاشتدي زيم ... قد لفها الليل بسواق حطم
ليس براعي إبلٍ ولا غنم ... ولا بجزارٍ على ظهر وضم
ثم قال:
قد لفا الليل بعصلبي ... أوزع خراجٍ من الدوي
مهاجرٍ ليس بأعرابي
وقال:
قد شمرت عن ساقها فشدوا ... وجدت الحرب بكم فجدوا
والقوس فيها وترعد ... مثل ذراع البكر أو اشد!
أي: والله يا أهل العراق ما يقعقع لي بالشنان ولا يغمز جانبي كتغماز التين. ولق فررت عن ذكاء وفتشت عن تجربة. وإنَّ أمير المؤمنين نثر كنانته