قال:(أن تلد الأمة ربتها، وأنت ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان) ، في هذا الموضع من هذا الحديث يكثر إيراد آراء العلماء على قوله:(أن تلد الأمة) .
الأمة: هي المرأة المملوكة بملك اليمين، والتي أخذت في أسارى الحرب من الميدان في المعركة؛ لأنه لا إماء إلا بقتال، أو متولدةً من أمة، وما عدا ذلك فلا رق في الإسلام.
(أن تلد الأمة ربتها) ، والربة تأنيث الربِّ، وجاء في بعض الروايات:(ربّها) ، أي: سيدها، وقد جاء في الحديث:(لا يقل أحدكم: عبدي وأمتي، وليقل: فتاي وفتاتي) ، لكن المقام هنا مقام بيان.
واختلفوا في معنى:(تلد الأمة ربتها) أي: سيدتها، فقيل: أن تلد تلك المرأة المملوكة بملك اليمين سيدتها التي تملكها، قالوا: وهذا موجود في زمن رسول الله، كان يؤتى بالإماء وتوزع السبايا على الرجال، ويولد لهم منهن، وهذا محمد ابن الحنفية ابن علي رضي الله تعالى عنه من سبي بني حنيفة وقيل: وهذا الوجه لا يرد على هذا الحديث؛ لأن السؤال عن أمارات تقع فيما بعد وما وقعت في ذلك الوقت.
وقيل:(أن تلد الأمة ربتها) ، بمعنى: ملكها، بأن تصل السراري إلى بيوت الملك ويتسرى الملك بأمة، وتلد ولداً، ثم يتولى الولد الملك فيكون ملكاً على الرعية ومن ضمنها أمه؛ لكن يقال: كل ملك في العالم فهو ملك على الرعية وقد تكون أمه موجودة، فليس في ذلك جواب.
وقيل: هذا يدل على تفشي التسري حتى تصل الإماء إلى قصور الملوك، وكان العرب يأنفون أن يستمتعوا بالإماء ويتنافسون على الحرائر.
وقيل: قد يكثر الإماء ويكثر التسري بهن، وتباع الأمة وهي حامل، ثم تلد، ثم يشتريها رجل وتكون عنده وتلد ولداً يشتريه آخر ثم يعتقه، ثم يشتري هذا المعتق هذه المرأة التي ولدت هذا الولد، فيملك أمه وهو لا يدري.
وقيل: قد يكثر التسري، فيشتري الرجل الأمة، وتحمل منه وتضع له ولداً، ثم يبيع المالك المرأة ويبقى الولد، وتتناولها الأيدي بالبيع وتدور وتستدير وترجع إلى هذا الولد، فيشتريها وهو لا يعلم أنها أمه، وقد يستمتع بها بملك اليمين استمتاع السيد بإمائه وهو لا يدري.
وكل ذلك يقوله العلماء وينتهون بجملة واحدة، هي: أنه تنعكس المقاييس ويحصل الاختلاط وتنقلب الأوضاع، وهذا من علامات آخر الزمان، وقد جاءت النصوص في هذا الباب عديدة، وأفردها العلماء بكتب في الملاحم وأشراط الساعة وغيرها.