قال صلى الله عليه وسلم:(وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة) ، الذبح يكون للشياه وللدجاج مأكول اللحم، وروي عن علي، أو عمر: أنه رأى جزاراً يسحب الشاة من أذنها ليذبحها، فقال له: اسحبها إلى الموت برفق، فقال: أرفق بها وأنا أريد ذبحها؟ واستل الشفرة.
فقوله صلى الله عليه وسلم:(إذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة) ، يعني: أن الذبح فوق كل شفقة، ومع ذلك فأحسن الذبحة، فهذا الرجل لما قيل له: اسحبها إلى الموت برفق، قال: كيف أرفق بها؟ فمهما فعلت بها قبل الذبح فهو بسيط، -هذا في تصوره- ولكن جاء في الأثر:(بأن الشاة تعرف الموت ولكنها تؤمن بالله وتصبر) .
ويذكر ابن رجب:(أن جزاراً فتح باباً على شاة فهربت، فجرت حتى جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ برجلها، فنظر إليه صلى الله عليه وسلم وقال: أحسن في ذبحها، ثم نظر إليها وقال: اصبري لقضاء الله) .
ومن إحسان الذبحة:(فليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته) يحد الشفرة -السكين- ولكن لا يحدها أمام الذبيحة، ولا يسمعها صوت الشفرة (وقد مر صلى الله عليه وسلم برجل يحد الشفرة أمام الشاة وهي تنظره بعينيها، فقال: هلا كان قبل ذلك) أي: هلا حددت الشفرة قبل أن تضجعها وهي تنظر إليك.
ومن إحسان الذبحة: ألا يذبحها أمام أمها أو أمام أولادها، ويذكر أيضاً أن رجلاً ذبح عجلاً أمام أمه وهي تنظر إليه فخبل في عقله.
فمشى يوماً في طريق فنام تحت شجرة، فإذا بعش طائر سقط منه فرخ على الأرض، فأشفق عليه ورده إلى عشه، فرد الله عليه عقله، وجاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه مر ببيت للنمل محترق فنهى صلى الله عليه وسلم أن يعذب بالنار وقال:(لا يعذب بالنار إلا رب النار) ، ولهذا نهى صلى الله عليه وسلم أن يعذب أحد بالنار، وتروى روايات عن بعض السلف أنهم حرقوا بعض الأشخاص في الردة أو في فعل كذا أو كذا، وجاء النهي صريحاً:(لا يعذب بالنار إلا رب النار) .
ومن إراحة الشاة الذبيحة: حد الشفرة بعيداً عن الشاة، وعرض الماء عليها قبل أن يذبحها، ولا يذبحها أمام حيوان آخر ينظر إليه، والحديث المتقدم:(هلا كان قبل ذلك؟ أتريد أن تميتها موتات عديدة) ، فهي كلما رأت الشفرة تحد كأنها ماتت موتة، لكن إذا أخذها بغتة وفاجأها بالذبح انتهى الأمر.
قوله:(وليرح) يتفق العلماء أنه يرفق بها حينما يضجعها، وإن كان تحتها من الأحجار أو من النواتئ أو من الأشواك فيجب أن يزيلها ويضجعها مستريحة:(ورأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً واضعاً رجله على صفحة الشاة متكئاً عليها ليذبحها، فقال: أتميتها موتتان أو عدة موتات) .
إذاً: في هذا الحديث يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم الأمة في أن تحسن في كل شيء حتى القتلة والذبحة.