من المعلوم أن أحاديث صلاة الليل مستفيضة وكثيرة جداً، ويكفي في ذلك سورة المزمل، وهنا الرسول صلى الله عليه وسلم يقرأ قوله تعالى:{تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} ، أي: في ظلمة الليل.
{يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا} ثم قال: {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ}[السجدة:١٦] ، أي: أنهم جمعوا بين الصلاة والزكاة.
{فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[السجدة:١٧] ، فلا تعلم أي نفس عملت خيراً ما ستجازى عليه مقابل ذلك الخير، ولا يعلم أي إنسان جزاء أداء فرائض الصلاة والصيام والجهاد في سبيل الله، لكن هنا {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ} فلماذا خص قيام الليل بهذا الحكم مع أنه عام لكل عمل؟
الجواب
لما كانت عبادتهم خفية على الخلق والناس نيام، كان الأجر كذلك كأنه يقول: أنت عملت لي في خفاء عن العالم، وأنا أخبئ لك أجرك فلا يعلمه أحد والجزاء من جنس العمل.
وإذا كنت تعلم أن أجر هذا العمل خفي، لم يطلع عليه أحد إلا الله، فستكون نفسك مشتاقة إليه، بخلاف الشيء المكشوف الذي يعرفه الكل، ولذا كلما كان الأجر خفياً كلما كانت النفس تتطلع إليه أكثر.