أخفى الله سبحانه وتعالى علمها على الخليقة كلهم، فلم يَطَّلِع عليها ملك ولا نبي ولا إنسان، ولكن جاء عنه صلى الله عليه وسلم تحديد اليوم الذي تكون فيه وهو يوم الجمعة، كما جاء في رواية الموطأ عند مالك:(خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة: فيه خلق آدم، وفيه سجدت الملائكة إليه، وفيه أسكن الجنة، وفيه أهبط إلى الأرض، وفيه تيب عليه، وفيه ساعة لا يصادفها عبد مؤمن قائم يصلي يسأل الله حاجته إلا أعطاه، وفيه تقوم الساعة، وما من دابة في الأرض إلا وتصيخ بسمعها يوم الجمعة من بعد صلاة الفجر حتى مطلع الشمس إشفاقاً من الساعة) ، أي: إذا كان يوم الجمعة بعد صلاة الفجر فأنها تصيخ الدواب بسمعها وتنتظر سماع نفخة الصور لقيام الساعة.
وهذا من آيات الله: أن البهائم العجماوات تؤمن بقيام الساعة، وتعين يوم الجمعة من الخميس قبله أو السبت بعده، وتعلم أن يوم الجمعة هو يوم موعد قيام الساعة، ولكن متى؟ لا يعلم ذلك إلا الله.
وفي سورة يس:{مَا يَنظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ * فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ}[يس:٤٩-٥٠] .
وروى البخاري رحمه الله:(تقوم الساعة بغتة، ويكون الثوب بين رجلين فلا يطويانه ولا يتبايعانه) ، أي: يأتي الشخص للتاجر كي يشتري ثوباً، فبينما هو ينظر ويساوم تقوم الساعة قبل أن يطوي الثوب البائع، وقبل أن يشتريه المشتري.
(ويحلب صاحب اللقحة حليبها فلا يشرب ما حلب، ويرفع صاحب الطعام الطعمة إلى فِيه فلا يأكلها) وهكذا النصوص الصحيحة في مجيء الساعة بغتة لا يعلم وقتها ولا يجليها لوقتها إلا هو {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا * فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا * إِلَى رَبِّكَ مُنتَهَاهَا * إِنَّمَا أَنْتَ مُنذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا * كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا}[النازعات:٤٢-٤٦] .
وجاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله متى الساعة؟ فأجابه جواباً لطيفاً:(ماذا أعددت لها؟) ، أي: ليس المهم أن تسأل عن مجيئها، ولكن المهم أن تعد لها العدة فقال:(ماذا أعددت لها؟ قال: حب الله ورسوله، قال: المرء مع من أحب) .