في كتاب الله قصة نبي الله يوسف، ونحن نعلم القضية بكاملها، ولما حصل له الاتهام والسجن برأه الله بما أيده به من القرائن، ومنها: أن شهد شاهد من أهلها إن كان قميصه قدّ من قبل فصدقت، وإن كان قميصه قد من دبر فكذبت، فمجرد شق القميص قرينة على الذي بدأ بالمراودة.
وقبل هذا كانت هناك قرينة كاذبة قابلتها قرينة أقوى منها، وذلك أن إخوة يوسف ألقوه في غيابت الجب، {وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ * قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ}[يوسف:١٦-١٧] سبحان الله العظيم! بكاء وجاءوا على قميصه بدم كذب ليخبروا أباهم بأن الدم قرينة على أن الذئب أكله، لكن أباهم كان أفقه منهم، فأخذ القميص ونظر فيه فرأى فيه الدم، ولكن فات عليهم أن يمزقوا القميص وقال: يا سبحان الله! متى كان هذا الذئب حليماً كيساً يأكل يوسف ولا يشق قميصه؟! {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ}[يوسف:١٨] ، فهم وضعوا في القميص دماً كذباً، وما كان عندهم مختبرات في ذاك الوقت لتحلل هذا الدم، ليروا هل هو دم شاة أم دم إنسان؟ لأنه بإجماع الطب أن دم الإنسان لا يتفق مع أي حيوان من الحيوانات الأخرى، ولا دم حيوان مع أي حيوان آخر، وهذه من حكمة المولى سبحانه، بل دماء البشر مختلفة فيما بينهم، وفيها فصائل مختلفة، وما كل إنسان دمه يتفق مع دم الآخر.