فهنا {يَدْعُونَ رَبَّهُمْ} وصورة الدعاء فيها مقابلة عجيبة، {خَوْفًا وَطَمَعًا}[الأعراف:٥٦] ، فيجتمع الخوف والطمع، فالعادة أنك لا تخاف من إنسان مع كونك تطمع فيه، ولكن المولى سبحانه هو القادر على هذا وهو محله، أنت في حياتك دائر بين الخوف والطمع، وكما قالوا: مطالب العقلاء في أحد أمرين: جلب نفع أو دفع ضر.
هل عندك طلب في حياتك أكثر من أن تجلب لنفسك نفعاً أو تدفع عن نفسك ضراً؟ لا يوجد.
الذي يهمنا في هذا أن الشخص عندما يقوم في جوف الليل ويسأل ربه، فإنه إما أن يقول: أعطني أو اكفني: أعطني دنيا أعطني ديناً أعطني ولداً أعطني صحة أعطني رضاك أعطني الجنة أو: اكفني شر نفسي شر الشيطان شر المعصية شر خلقك شر كل ما تعلم أنه شر يا ألله.
ولذا من الآثار: أسألك من خير ما سألك منه نبيك صلى الله عليه وسلم وما علمت منه وما لم أعلم وأستعيذك من شر ما استعاذك منه نبيك صلى الله عليه وسلم، ما علمت منه وما لم أعلم.
إذاً {يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا} بأن يكفيهم ما يخافونه، وأشد ما يخافه الإنسان هو النار.
{وَطَمَعًا} أعظم ما يطمع فيه العبد هو الجنة والنظر إلى وجه الله الكريم.
ولذلك لما أنشد النابغة بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم: بلغنا السماء مجدنا وجدودنا وإنا لنرجو فوق ذلك مظهراً قال: إلى اين يا أبا فلان، قال: إلى الجنة، قال: إن شاء الله، وقصة ربيعة بن كعب مع الرسول عليه الصلاة والسلام عندما قال له الرسول صلى الله عليه وسلم:(يا ربيعة سلني.
قال: أسألك مرافقتك في الجنة، فقال له عليه الصلاة والسلام: إني فاعل فأعني على نفسك بكثرة السجود) .