هذا الحديث يعطينا صورة لما كان عليه السلف الصالح من المسارعة والمسابقة إلى الخير، وما عجزوا عنه يطلبون بدله، جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا:(يا رسول الله!) لاحظوا جاءوا إلى من؟ إلى النبي، فقالوا: يا رسول! ولم يقولوا: يا نبي الله! ونجد أن العلماء يقفون طويلاً عند الفرق بين النبي والرسول.
بعض العلماء اختصر وقال: النبي والرسول سواء، إلا أن النبي أعم والرسول أخص، فكل رسول نبي وليس كل نبي رسولاً، فكم من الأنبياء لم يرسلوا، ولا نعلم عنهم شيئاً؟ ولكن لم يرسل رسول إلى أمة إلا وقد نبئ! ويقال: النبي والنبيء كما يقرؤها ورش، فالنبيُ بالتسهيل، والنبيء بالهمز، وقالوا: النبيُ بالتسهيل من النبوة والارتفاع، تقول: نبا المكان ينبو نبواً إذا ارتفع، والنبيء من النبأ، وكلاهما صحيح، فالنبي مأخوذ من النبوة والارتفاع فهو في القمة والرفعة على الأمة كلها، ومن النبأ فهو قد جاء بالنبأ العظيم من الله رب العالمين، فكلا المعنيين صحيح.
أما الرسول فيقول بعض العلماء في مصطلح الحديث: النبي من نبئ ولم يؤمر بتبليغ غيره، يعني: إرساله في نفسه، والرسول من أمر بدعوة غيره؛ لأن رسول تقتضي رسالة من مرسِل إلى مرسَل إليه، فيكون الرسول عمله متعدٍ لمن أرسل إليهم، فهناك مرسل وهو الله سبحانه، وهناك رسول وهو الذي كان نبياً، وهناك رسالة وهي الكتاب الذي جاء به، وهناك من أرسل إليهم وهم الأمة، والرسالة قد تكون خاصة وقد تكون عامة، كما جاء في الحديث:(أعطيت خمساً لم يعطهن أحد قبلي -وذكر منها- وكان النبي يبعث لقومه خاصة، وبعثت إلى الناس كافة) .
وبعضهم يقول: النبي من جاء بتجديد دعوة نبي أو رسول قبله ولم يأت بجديد من التشريعات، وإنما جاء يجدد دعوة رسول قبله.