الجهاد في سبيل الله مما أوجبه الله، فكيف نحافظ عليه كما نحافظ على أركان الإسلام؟ نعد له العدة، والعدة هذه هل ستعمل بذاتها تلقائياً أم أنها تحتاج إلى أيدٍ تُعْمِلها؟! تحتاج إلى أيدٍ عاملة.
إذاً: يجب إعداد الرجال والشباب، وتدريبهم وتعليمهم وتمرينهم حتى تكون هناك قوة.
وليس الجندي مجرد الذي يحمل السلاح في الميدان، بل كذلك من يخدم هذا الجندي في مصانع الأسلحة والأنسجة، فهناك من يصنع له الفراش، وهناك من يصنع له الثياب، فكل من يؤمِّن طلبات الجندي فهو في الجندية، وهو في سبيل الله.
من عظيم أجر الفارس أن فرسه ما ترتع في مرعى، ولا تشرب من ماء ولا تصعد شرفاً، ولا تهبط وادياً، ولا تروث روثاً، إلا كان ذلك كله في حسناته، أما المجاهد بنفسه فيكفي تلك الصفقة التي بينه وبين الله:{إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ}[التوبة:١١١] .
إذاً: مما يجب على الأمة الإسلامية مجتمعة: أن تعيد النظر في أمر الجهاد في سبيل الله، وقد أشرنا أنه قبل أن نرفع السلاح ونقاتل العدو؛ يجب أن نصلح ذات بيننا، كما جاء في مطلع سورة الأنفال، وهي في ذكر أعظم انتصار للمسلمين في غزوة بدر:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ قُلِ الأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ}[الأنفال:١] ، فقبل أن يتكلم عن المعركة ونتائجها قال:{وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ} ، وهذا باب واسع، ويهمنا التنبيه عليه فقط.
ننتقل إلى القسم الثاني من الحديث، وقد انتهينا من جعل القسم الأول:(إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها) أي: بالحفاظ عليها وإقامتها.