يروي لنا هذا الإمام الجليل والصحابي الكبير عن النبي صلى الله عليه وسلم ويقول:(فيما يرويه عن ربه) ، هنا يقف علماء الحديث والمصطلح في هذا التعبير، فإنه يأتي في القسم الذي يسمى: الأحاديث القُدُسية، والأحاديث القدسية هي المضافة إلى الله سبحانه وتعالى، ويتساءل البعض: أليس كل شيء من القرآن ومن الحديث النبوي والأحاديث القدسية والكتب السابقة كلها من الله، فقد جاء في حق السنة النبوية {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}[النجم:٣-٤] ؟ فقالوا: الذي يرويه لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي ثلاثة أقسام: القسم الأول: ما ينسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وهي: السنة المطهرة.
وهذا وإن كان الأصل فيها وحي من الله إلا أنه أُسند إلى رسول الله أن يعبر عن هذا بمنطقه الخاص، وبأسلوبه النبوي الكريم.
القسم الثاني: القرآن الكريم، وهو من عند الله، ولكن ليس لأحد حق التصرف في إيراده، ولا يجوز أن يروى بالمعنى، ويشترط فيه: أن ينزل به جبريل عليه السلام من الله إلى رسوله.
القسم الثالث: الحديث القدسي، وهو وسط بين القرآن والسنة النبوية، وقد يأتي به جبريل، وقد يراه النبي صلى الله عليه وسلم مناماً، وقد ينفث في روعه، وقد يلهم به إلهاماً، فكل ذلك من أقسام الحديث القدسي.
ما الفرق بين هذه الثلاثة؟ قالوا: أما الأحاديث النبوية والمعروفة بالسنة المطهرة، فهي: ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم ابتداءً، كما جاء عنه صلى الله عليه وسلم:(إن الحلال بيّن وإن الحرام بيّن) ، وقال:(يجمع خلق أحدكم في بطن أمه) ، و:(إنما الأعمال بالنيات) كل هذا يقوله صلى الله عليه وسلم مسنداً إليه.
أما القرآن: فهو ما نزل به جبريل من الله على رسوله.
وأما الحديث القدسي فهو: ما يوحى بمعناه ويسند إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بيانه، ولكن في إيراده صلى الله عليه وسلم للناس يقول:(عن ربي) ، أو:(بما أمرني ربي) ، أو (أوحى إلي ربي) ، أو (عن رب العزة) ، أو (عن الله تعالى) أي: أن الرسول صلى الله عليه وسلم حينما يتكلم بالحديث القدسي يسند الرواية إلى الله، كما أن الصحابي يسند الرواية في السنة إلى رسول الله، فالرسول يقول: قال الله تعالى كذا.