للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[المقصود بالأمر]

رأس كل شيء أعلاه، هذا في المحسوس، مثل: رأس الجبل رأس الإنسان وفي المعنويات: أقوم شيءٍ فيه وعماده وأساسه، كما قالوا: الصبر من الإيمان كالرأس من الجسد، فإيمان بلا صبر كجسد بلا رأس.

رأس الأمر: الأمر مفرد أوامر، ويأتي مفرد أمور، تقول هذا أمر ثقيل أو عصيب، وتقول هذا أمر شائع ويتبين هذا من ذاك بصيغة الجمع.

فرأس الأمر: أي الأمور، وقوله عليه الصلاة والسلام: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) ، أي: ليس عليه تعليمي وتوجيهي وسنتي، فهنا قالوا: المراد بالأمر هنا: الشيء الجامع الذي فيه الكلام، والكلام هنا في أي شيء؟ فيما يدخلنا الجنة ويباعدنا عن النار، أي: في أعمال الإسلام التي ذكرها صلوات الله وسلامه عليه من أركان الإسلام وأبواب الخير، فرأس الأمر كما تقول: رأس المال الذي تتحرك به في السوق هو الإسلام.

وأما ما تقدم من إقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت فكلها أركان الإسلام التي لا تقبل أصلاً إلا بعد الدخول في الإسلام، كأن المشرك مهما كان عنده من عمل، ومهما قدم من خير، ومهما فعل يكون جوابه: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} [الفرقان:٢٣] ، لأنه ليس عنده رأس الأمر.

إذاً: رأس الأمر في بدايته الإسلام، فإذا أسلم ودخل في جماعة المسلمين، فكل شيء بعد ذلك يتدارك، {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء:٤٨] ، مادام دخل في حيز الإسلام، هذا هو رأس الأمر.

فإذا حصل على رأس مال الإسلام، فله تشغيل رأس المال بالربح في نوع من أنواع الخير وأبوابه، هذه تتمة وتكملة.

ولا ننسى بأن الإسلام أو الإيمان قول وعمل، وليس معنى ذلك أن يدخل في الإسلام ويترك العمل.