وهنا يذكر بعض العلماء: أن الإنسان عند أول عمره وشبابه الأفضل له أن يغلب جانب الخوف على جانب الرجاء؛ لأن جانب الخوف يجعله يبتعد عن المعاصي، {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ}[الرحمن:٤٦] ، وإذا كان في منتهى العمر وحالة الضعف فليغلب جانب الرجاء، لأنه كما في الحديث:(أنا عند ظن عبدي بي) ، (من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه) .
وجاء عن الحجاج لما حضرته الوفاة، فعاده بعض من يتشفى به، فلما خلا بنفسه قال: يا ألله، كل الناس يسيئون الظن بي، وأنا أحسن الظن بك يا ألله.
إذاً: يدعون ربهم خوفاً وطمعاً، أي: منهم من يدعو ربه خوفاً، ومنهم من يدعو ربه طمعاً، بل إن الإنسان في ذاته يكون ساعة في خوف وضيق وحرج، فيسأل الله الفرج، كالثلاثة الذين انطبق عليهم الغار فدعوا ربهم لينجيهم.
وكذلك إذا كان في سعة من العيش، وإذا كان بعيداً عن الضيق، فإنه يسأل الله ربه العافية، ويسأل ربه طمعاً في الخيرات.
إذاً:(خَوْفًا وَطَمَعًا) تدور عليها مطامع العقلاء، وتتوزع عليهما أحوال الداعين، سواءً كانوا في مقتبل العمر أو في منتهاه، أو كانوا في ضيق أو في سعة، والآية جمعت بهذين اللفظين اللذين عليهما مدار السؤال كله أينما كان، وكيفما يكون.
وصلى الله وسلم على نبيه محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.