يقول أهل اللغة: الضلال: الضياع والذهاب، ولذا يقال: ضل فلان الطريق.
أي: ذهب عنها وضاع عنها، وضل الماء في الأرض، أي: تلاشى وذهب.
(كلكم ضال) أي: ذاهب عن الطريق السوي، وقد يكون الضلال بمعنى النسيان كما قال الله:{أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى}[البقرة:٢٨٢] والنسيان فيه تضييع الحق؛ لأنه لو تذكر الذي يريد أن يتكلم به ما ضاع الحق.
وهنا يبحث العلماء في سورة الضحى عند قوله:{أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى * وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى}[الضحى:٦-٧] ، قالوا: معنى (ضالاً) أي: عن العلم الذي أوحي إليك كما قال تعالى: {مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا}[الشورى:٥٢] ، فما كان يعلم بالوحي ولا بالقرآن فعلمه الله، أو كما قالوا: ضلال حسي، حينما كان صغيراً خرج إلى الشعب وضاع فلهم يهتد إلى طريق الرجوع إلى البيت، فأرسل الله سبحانه وتعالى له من يهديه وجاء به إلى عمه.
والمراد بالضلال هنا: الانحراف عن الصراط المستقيم.
وهنا
السؤال
قوله:(كلكم ضال) ، وفي الحديث:(كل مولود يولد على الفطرة) ، فهل هناك تعارض بينهما؟ بعض العلماء يقول: هناك تعارض؛ لأننا إذا رجعنا إلى الحديث وجدنا فيه:(فأبواه) ، فهل بقي على الفطرة أم أن أبويه لهما دخل في هذا؟ أبواه لهما دخل في هذا؛ فهو في أصل المولد على الفطرة، ولو بقي على تلك الفطرة لنشأ على الهداية، ولكن جاءت العوامل فغيرت، فإن لم يكن أبواه فالمجتمع، فكل ذلك حصيلته أن ينحرف عن الطريق السوي، ويضل بسبب التيار الجديد، فالضلال طارئ عليه، وحينما يخاطب الإنسان في كبره فإنما يخاطب على وضعه الذي هو عليه وليس له أن يحتج بما كان عليه منذ الصغر، وليس لإنسان سبيل إلى الهداية إلا بأمر الله.