[يقين علي والزبير فيما يأتي عن النبي صلى الله عليه وسلم]
وعلي رضي الله تعالى عنه لما كتب حاطب كتابه لأهل مكة فيما يتعلق بتهيؤ رسول الله صلى الله عليه وسلم لفتح مكة، وسبق أنه صلى الله عليه وسلم دعا الله قائلاً:(اللهم عمِّ عليهم الأخبار) ، ودعوته صلى الله عليه وسلم غالباً مستجابة، وأعطى حاطب الكتاب لضعينة -أي امرأة مسافرة- وقال لها: إن أوصلتِه إلى أهل مكة فلك كذا وكذا، فجاء جبريل عليه السلام وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهذا قال الله في حقه:{وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى}[النجم:٣] وذاك قال فيه سبحانه: {مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ}[التكوير:٢١] لا شك في هذا ولا يحتاج الأمر إلى تثبت.
فقال لـ علي والزبير:(أدركا الضعينة في روضة خاخ، وخذا منها الكتاب) فأسرعا وأدركا الضعينة في الروضة التي أخبرهم بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال علي: أخرجي الكتاب.
قالت: ما عندي كتاب.
ففتشا الزاد والرحل ولم يجدا شيئاً، فكادا أن يرجعا، فاستل علي سيفه، وقال: والله ما كذبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنه لصادق، ولابد أن تخرجي الكتاب، وإلا فتشنا الثياب.
فلم يكن علي رضي الله تعالى عنه في شك من إخبار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟! وقد هددها بالقتل وجزم بأن الكتاب موجود؛ لأن الرسول صادق، ما توقف حتى يفتش ويتيقن أهو موجود أم لا؟! لا.
وإنما قال قبل أن يفتشها:(لتخرجن الكتاب أو لأفتشن تحت الثياب -وتحت الثياب ممنوع- فأخرجته من عقاص شعرها) .
فيقين علي رضي الله تعالى عنه بصدق الخبر ومطابقته للواقع من رسول الله صلى الله عليه وسلم جعله كأنه يشاهد الكتاب، فما حمله على أن جزم بوجوده وهدد المرأة حتى أخرجت الكتاب.