للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الدعاء في مسجد قباء]

السؤال

هل يستجاب الدعاء عند زيارة مسجد قباء؟

الجواب

زيارة مسجد قباء ليس فيه نص على استجابة الدعاء عنده، ولكن وردت بعض الآثار فيما بين الركن والمقام، فهناك تستجاب الدعوات، وجاء في الحديث الصحيح (أن الرسول صلى الله عليه وسلم وقف بالملتزم ما بين الركن والباب، ملصقاً صدره إلى جدار الكعبة وهو يبكي، فقال له عمر: أتبكي هنا يا رسول الله؟! قال: نعم يا عمر! ها هنا تسكب العبرات) ، فلا تسكب العبرات في لعب ولهو، ولكن في ذكر الله ودعائه.

ومن أسباب استجابة الدعوة: الخضوع والتذلل بين يدي الله، حتى ذكر بعض العلماء أن من آداب الدعاء أن يجثوا الإنسان على ركبتيه، وقد جاء عن عمر رضي الله تعالى عنه عندما كثرت الأسئلة على رسول الله فغضب وقال: (لا تسألوني عن شيء إلا أجبتكم عنه) وعلم عمر أنهم أغضبوا رسول الله، فقام وجثا على ركبتيه وقال: يا رسول الله! نستغفر الله ونتوب إليه، رضينا بالله تعالى رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد نبياً.

يا رسول الله! كنا في الجاهلية فلا تكشف أستارنا، فسري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال الله: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً} [الأعراف:٥٥] أي: بخشوع بين يدي الله، وهذا من آداب الدعاء.

أما الذهاب إلى قباء للصلاة فيه، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (من تطهر في بيته ثم أتى مسجد قباء فصلى فيه ركعتين، كان له كأجر عمرة) ، وكان صلى الله عليه وسلم يقصده ويذهب إليه كل أسبوع، وكان يصادف ذلك يوم السبت، وليس ذلك لذات السبت، ولكن كان يترقب أخواله بني النجار أن يصلوا الجمعة في المسجد النبوي، فإذا صلى وغاب بعضهم أو لم ير شخصاً كان يريد أن يراه، فمن الغد يوم السبت يذهب إلى قباء ليراهم هناك، وقال أنس: هذا المسجد لو لم يكن عندنا لاستحق أن تضرب إليه أكباد الإبل.

ومسجد قباء نزل فيه القرآن الكريم، فقال تعالى: {لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} [التوبة:١٠٨] ، فكفى بهذا شرفاً لقباء، وقد ورد أن المسجد الذي أسس على التقوى هو هذا المسجد النبوي، وقد أشرنا أن الأولوية إنما هي نسبية، فكل مسجد بني من أول يوم بنائه على التقوى خالصاً لله، بخلاف المسجد الذي يبنى مباهاة ومضارة لقوم آخرين، والله أعلم.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا وإياكم لما يحبه ويرضاه، ونسأله من فضله، وأن يغنينا وإياكم بالحلال عن الحرام، اللهم أغننا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمن سواك، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.