للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[نبذة عن راوي الحديث أبي ذر رضي الله عنه]

أبو ذر رضي الله تعالى عنه كما جاء في حقه: أصدق من أقلَّت الغبراء وأظلّت الخضراء، أي: السماء.

وهو من أزهد الناس في الدنيا رضي الله تعالى عنه، وقد ظلمه كثير من الناس فيما يتعلق بأمر الدنيا، واتخذوا زهده ذريعة إلى مبادئ فاسدة.

أبو ذر رضي الله تعالى عنه كان زاهداً في الدنيا وليس لديه أولاد، وكان يكتفي بما في يده، وكم من شخص خرج مما في يده إلى الله ورسوله؛ فـ الصديق رضي الله تعالى عنه يأتي بكل ما يملك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبق شيئاً لهم، فيقول له: (يا أبا بكر! ماذا تركت لعيالك؟ فيقول: تركت لهم الله ورسوله) ، فلم يُتهم أبو بكر بما اتهم به أبو ذر، ولكن رأى بعض الناس في سيرته ما يوافق منهاجهم فادعوا دعوات عليه، ونعجب لماذا تركوا أصحاب رسول الله جميعاً الذين كانوا يملكون البيوت والضياع والتجارات والمال الطائل ويأتون إلى أبي ذر؟! عثمان رضي الله تعالى عنه وهو الخليفة الراشد يجهز جيش العسرة من ماله الخاص، لماذا لم يتأسوا بـ عثمان ويطلبون الدنيا من حِلها ويصرفونها في سبيل الله؟ ابن عوف عندما جاءت تجارته كان يتصدق بالبعير وما حمل، وعندها يُعطى أرباح مائة في المائة يقول: عندي زيادة عشرة أضعاف، فيقول له التجار: نحن تجار المدينة ولا يوجد أحد غائب يعطي أكثر من الضعف، فيقول: هي في سبيل الله فالحسنة بعشر أمثالها، فلماذا لم يتخذوا من ابن عوف التاجر الكبير ولم يتخذوا عثمان مثالاً؟ لماذا لم يتخذوا الزبير مثالاً وقد كان عنده أربع زوجات، والأربع لهن الثمن، وميراث الواحدة منهن مئات آلاف من الدنانير، وكان له في المدينة ومصر والعراق والشام البيوت والضياع، لماذا لا يتخذون هؤلاء أسوة لهم ويأتون إلى أبي ذر؟ يكفينا بأنه أصدق الناس لهجة كما شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: (رحم الله أبا ذر، يعيش وحده، ويموت وحده) ، ولما حصل بينه وبين معاوية رضي الله تعالى عنهم أجمعين في الشام بعض الشيء، اشتكى إلى عثمان رضي الله تعالى عنه؛ فطلبه عثمان، فجاء إلى المدينة بطلب من عثمان رضي الله تعالى عنه، ثم رغب أن يكون بعيداً؛ لأن النبي قال له: (إذا بلغ البناء سلع فاخرج من المدينة) فجاء إلى الربذة وسكنها، وفيها مات رضي الله تعالى عنه.