قوله:(إلا حصائد ألسنتهم) فيه تشبيه كلمات اللسان بالزرع الذي ينبت، فليتأمل كل واحد ماذا زرع؟ لأنه لابد غداً أنه سيحصده، إن خيراً فخير، وإن شراً فشر.
يقول العلماء: أخطر حديث فيما يتعلق بنطق اللسان حديث معاذ هذا، ثم أخذوا يفصلون بعض العلماء يقول: لا يوجد ذنب ولا توجد معصية إلا ومعها اللسان يتكلم، لكن قد توجد بعض المعاصي بدون اللسان.
وقالوا: أعظم حصائد اللسان المحرمة الكذب والنميمة والغيبة، وأعظمها عند الله الشرك بالله، كمن دعا غير الله، {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى * وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى}[النجم:١٩-٢٠] .
{إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا}[النجم:٢٣] ، والذي سماها هو اللسان، فاتخاذ الند لله ومع الله من حصائد الألسن، ومعها اعتقاد القلب، لكن اللسان هو الذي يعبر عنه إذاً: كل ما في القلب يعبر عنه اللسان.
إن الكلام لفي الفؤاد وإنما جعل اللسان على الفؤاد دليلاً وإن كان هذا يقوله علماء الكلام لقضية أخرى، لكن اللسان ترجمان الإنسان.
ويقول آخر: لسان الفتى نصف ونصف فؤاده فلم يبق إلا صورة اللحم والدم فالإنسان نصفان: نصف مع القلب يريد ويرغب، والنصف الثاني مع اللسان الذي يعبر عما يريد القلب ويرغب فيه.
ولذا الأخبار في هذا الباب طويلة جداً وأجمعها ما جاء في الأحاديث أن كل يوم يصبح الإنسان، تأتي الجوارح وتقول للسان: اتق الله فينا، لأن بك الصلاح وبك الفساد.