قال تعالى:{يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ}[الحديد:١٣] ، الكل يبعث بنوره حتى المنافق، لكن عند العرض على الحوض يمضي المؤمنون بنورهم ويرد المنافقون فتطفأ أنوارهم، وهناك ينادون:{يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ}[الحديد:١٣] أي: انتظرونا نمشي في نوركم، أو انظروا إلينا نقتبس نوراً:{قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ * يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ}[الحديد:١٣-١٤] ، الريب هو الشك، وهذا الشك هو النفاق.
ولكن لماذا يبعث المنافقون بالأنوار مع المؤمنين؟ هو تفسير قوله سبحانه:{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ * يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ}[البقرة:٨-٩] ، فكانوا يخادعون المؤمنين ويقولون: إننا آمنا، وإذا رجعوا إلى قومهم قالوا:{إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ}[البقرة:١٤] .
فتركهم الله على نفاقهم واستفادوا بظاهر قولهم: آمنا، ولهم نصيب في المغانم والميراث والزواج، ويعاملون في ظاهر الأمر معاملة المؤمنين، ولكنهم يبطنون الكفر في داخلهم، وهكذا يستهزئون والله يستهزئ بهم؛ فإذا جاء يوم القيامة بُعثوا بأنوارهم وظنوا أن الخدعة مستمرة وأنهم مع المؤمنين في الأنوار، حتى تأتي المفرزة، فهناك يردون على أعقابهم وتطفأ أنوارهم ويطلبون من المؤمنين أن ينظروهم ليلتمسوا منهم النور، فيردونهم ويقولون: لا، ارجعوا فالتمسوا نوراً من ورائكم، وهناك تنتهي الفاصلة:{فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ}[الحديد:١٣] ، من جهة المؤمنين، {وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ}[الحديد:١٣] من جهة المنافقين.