فالغضب غريزة، والأخلاق مجموعة غرائز، مثل: الحلم والغضب والشجاعة والجبن والكرم والبخل، فكل هذه غرائز جبل عليها الإنسان، ولا يمكن لإنسان أن يغير غريزة في نفسه، والإسلام ما جاء لينتزع الغرائز، ولكن جاء ليهذبها، ولذا لما جاء وفد عبد القيس من البحرين، تسارعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتأخر أشج عبد القيس، فجمع الرواحل وعقلها، وجمع المتاع وحفظه، ثم جاء إلى عيبته، وأخرج حلته، ولبس أحسن ثيابه، ثم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد الشريف، فهو قد تأخر عن أصحابه، بينما أصحابه أول ما وصلوا المدينة أسرعوا إلى رسول الله، حيث جاءوا من مسافة شهرين ليروا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي قلوبهم المحبة العظيمة، والأشواق الكبيرة للالتقاء برسول الله عليه الصلاة والسلام، لكن هو تأخر، فلما رآه صلى الله عليه وسلم قادماً، أفسح له مكاناً بجواره، وقال له:(إن فيك خصلتين يحبهما الله ورسوله: الحلم والأناة، فقال: يا رسول الله! خلق تخلق به أم جبلة جبلني الله عليها؟ قال: بل جبلة جبلك الله عليها) والجبلة: الخلقة.
إذاً: الغرائز جبلات لا يمكن أن تنتزع، والإسلام ما جاء لينتزع الغرائز ولكن جاء ليهذبها، ويقال: إن الغضب محله القلب، وهو غريزة سبعية، فالأسد يغضب، وكلٌ من الرحمة والرضا غريزة إنسانية وحيوانية، ومحلها الكبد كما يقولون، والفكر والإدراك والذاكرة والتريث والتعقل محلها العقل، وهل العقل في الدماغ أو في القلب؟ هذه مسألة مختلف فيها بين الفلاسفة والفقهاء.