للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فضله رضي الله عنه]

يذكر علماء التراجم في ترجمة عبد الله بن عمر من الفضل والكرم والإحسان الشيء الكثير، وأهم ما يُذكر في ذلك أنه أسلم في مكة وهاجر إلى المدينة مع أبيه، ولما كان في غزوة بدر لم يحضرها، وعُرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة أحد، فمنعه صلى الله عليه وسلم لصغر سنه، حيث كان في الرابعة عشرة من عمره، وعرض عليه في غزوة الخندق بعدها بسنة فأجازه صلى الله عليه وسلم.

وفي بعض الروايات: (أن الرسول أراد أن يرده في غزوة الخندق، فجاء إلى أبيه عمر وقال: يا أبي! أجاز رسول الله عبد الله بن جابر وأنا والله أصرعه -يعني: أنا أقوى منه وأولى بالجهاد منه- فذهب عمر إلى رسول الله وأخبره، فأحضرهما وتصارعا بين يدي رسول الله، فصرعه؛ فأجازه) .

كانوا يتسابقون إلى الجهاد، وتأبى مروءة أحدهم وهو غلام أن يرد عن الجهاد في سبيل الله حتى يتقدم ويحتج على من منعه وإن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم! ورسول الله إنما منعه شفقة ورحمة به لصغره لأنه لم يكلف الجهاد بعد، والجهاد فرض كفائي على ما سيأتي الكلام عليه في أركان الإسلام، ومع ذلك دافع واشترك في الجهاد.

ومما يذكر عنه أنه رأى رؤيا في شبابه يقول: كانوا يرون الرؤى، فإذا رأى أحدهم رؤيا ذكرها لرسول الله وفسرها له، وفي بعض الروايات كان صلى الله عليه وسلم إذا صلى الصبح قال: أيكم رأى رؤيا؟ ويقصون رؤياهم على رسول الله ويفسرها لهم؛ لأن الرؤيا الصادقة جزء من ست وأربعين جزءاً من النبوة يراها الرجل الصالح أو ترى له.

قال: فوددت أني أرى رؤيا فأقصها على رسول الله، قال: فرأيت أني على حافة بئر عميق وفيه نار ملتهبة، فإذا برجل يقول: لم ترع لم ترع، ثم ذكر ذلك لـ حفصة، وفي رواية أخرى: أنه رأى أن بيده بطاقة وإنه في الجنة، وكلما أشار إلى جهة في الجنة طارت به تلك البطاقة، فقص الرؤيا لأخته حفصة بنت عمر رضي الله تعالى عنهما، وهي زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقصتها على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (نعم العبد عبد الله لو كان يصلي من الليل) يقول: (والله ما تركت صلاة الليل بعد ذلك) .