القسم الثالث من الحديث هو أعظمها وأخطرها، قال عليه الصلاة والسلام:(من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره) ، حق الجار عظيم في الإسلام، ولا أعتقد أن هناك قضية أوسع منها، اللهم إلا قضية بر الوالدين، فينبغي تأمل الأحاديث الواردة فيما يتعلق بالجار، وفي مقدمة الآثار الواردة في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم:(لا زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه) ، وهذا الحديث مذكور في كتب السنن كلها، وفي بعض الروايات عن بعض الأنصار قال: ذهبت إلى النبي عليه الصلاة والسلام مع أهلي لحاجة يريدونها، فوجدته قائماً مع رجل يحادثه ويغاير بين قدميه من طول القيام حتى أشفقت على رسول الله صلى الله عليه وسلم من طول القيام، ثم قلت: يا رسول الله! من هذا الرجل الذي أطال القيام معك؟ والله! لقد أشفقت عليك من طول قيامك، وأنت تغاير بين قدميك! فقال:(أورأيته؟) قلت: نعم، قال:(هذا جبريل لا زال يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه) ، وقف طويلاً حتى جعل يغاير بين قدميه، ولماذا هذه الوقفة الطويلة؟! ليوصيه بالجار.