اللسان يتكلم والجوارح كلها تتحمل التبعة، ولذا جاء:(لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه) .
فاللسان والقلب مرتبطان، وإذا جئنا إلى قضية الكذب والصدق، نجد بأن كل مخلوقات الله إلا الإنسان بل وذوو المروءة من بني الإنسان أيضاً يتحاشون الكذب، فمن ذلك ما كنا نسمع من والدنا الشيخ الأمين رحمة الله تعالى علينا وعليه أنه كان يقول: إبليس يتحاشى الكذب حتى لا تؤخذ عليه غلطة، وذلك حينما قال:{فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ}[الحجر:٣٩-٤٠] ، فقالوا: حينما أقسم بعزة الله ليغوينهم أجمعين، أدرك بأن بعض عباد الله سيفلت منه، فاستثنى وقال:{إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ}[الحجر:٤٠] .
قدمنا سابقاً أن يحيى أو زكريا لقي الشيطان، فقال: أخبرني عن أقسام الناس وتصنيفهم عندك؟ قال: ثلاثة أقسام: قسم أنت وإخوانك الرسل، يئسنا منهم، وعجزنا عنهم.
وقسم استرحنا منهم، لأنهم رهن الإشارة حيثما نشير إليهم يأتوننا، وهم الجهال وصفاتهم كذا وكذا.
وقسم لم نيأس منهم ولم نطمع فيهم.
قال: من هؤلاء؟ قال: بقية الناس الذين نحتال عليهم ويقعون في الذنوب ويرتكبون المعاصي، ونكدسها عليهم، ففي لحظة ينتبه الواحد منهم ويستغفر الله فيغفر الله له؛ فلم نيأس منهم لأننا نقدر عليهم، ولم نطمع فيهم لأنهم يستغفرون! إذاً: الشيطان مع جهده احترز عن الكذب بالاستثناء بين يدي الله سبحانه.