للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[النهي عن أن يبيع المسلم على بيع أخيه]

قال صلى الله عليه وسلم: (ولا يبع بعضكم بعضكم على بيع بعض) ، وكأنا رجعنا إلى السوق مرة أخرى، فهناك نهي عن النجش، وهو أن يزيد في السلعة وهو لا يريد شراءها، وهنا نهي لعامة التجار إذ قال: (لا يبع بعضكم على بيع بعض) ، وجاءت منهيات أخرى تضم إلى قوله: (لا يبع بعضكم على بيع بعض) حيث ورد: (ولا يسم المسلم على سوم أخيه، ولا يخطب على خطبته) ، فلا ينبغي لإنسان أن يبيع على بيع أخيه، ولا يساوم على سومه ليشتري على شراء أخيه ولا يخطب امرأة على خطبة أخيه؛ حفاظاً على التآخي، ومنعاً للتشاحن والتباغض.

وبيعك على بيع أخيك يصوره العلماء بعدة صور: منها: تاجران متجاوران، أو شخصان متقاربان علم أحدهما أن صاحبه باع سلعة لفلان، وفلان المشتري ذهب ليشاور، أو ليأتي بالنقد، أو كان بينهما موعد بعد يومين أو ثلاثة، فيذهب التاجر الآخر إلى المشتري فيقول له: كيف فعلت؟ فيقول: اشتريت من فلان سلعة، فيقول: بكم؟ فيقول: بعشرين.

فيقول: هي عندي بثمانية عشر.

أو يقول: باعك سلعة مغشوشة، وأنا عندي سلعة جيدة أبيعكها بعشرين ولا أزيد عليك.

فما الذي يحمله على هذا البيع المتذرع به؟ هل رغبة في نفع نفسه فقط، أم لإيقاع المضرة بغيره؟ فإن كان فيه نفع لك فإنك أوقعت المضرة بغيرك إذا علم صاحبك بهذا، ومن هنا يأتي التباغض والتدابر، وتقطع الأرحام، وتتباغض النفوس.

ويقولون: يكون هذا ممنوعاً إذا اتفق المتساومان، أما لو كانت السلعة في السوق، وإنسان يسوم بخمسة، وآخر بستة فلا نقول له: لا تساوم على سومه، ولا تتقدم عليه؛ لأنها معروضة في المزاد للجميع، وليس هناك اتفاق من البائع مع أحد، فهي في سلم السوم، وما دام أنه ليس هناك نجش فلا مانع أن تساوم، لكن إذا انقطع السوم، أو كانت في محل بدون مزايدة، واشترى شخص السلعة واتفق معه، فلا يجوز لك أن تأتي من الخلف لتفسد البيع عليه، فتقول له: أنا آتيك بأحسن منها.

وسواءٌ أكانت عنده سلعة أم كان دلالاً في السوق، فلا يفسد على الناس البيع الذي وقع.

ومن صور السوم على سوم المسلم: أن المشتري يذهب بعد الاتفاق على السلعة للاستشارة، أو ليحضر المال، وهناك شخص واقف عند المكان يسمع، فيسأل صاحب السلعة: لماذا لم يأخذ المبتاع السلعة؟ فيقول له: اتفقنا وذهب ليأتي بالمال، فيقول له: الفلوس حاضرة، فخذها وأعطني السلعة.

فإذا كان مالك حاضراً فسمت على سوم أخيك الذي ذهب، وأغريت البائع بأن يدفع إليك السلعة لكون الذي ذهب لا يعرف هل يأتي أم لا، أو إذا كانا اتفقا على عشرين بعشر، فتقول له: خذ واحداً وعشرين وأعطني فهذا سوم على سومه.