هذا الحديث عن معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه، هذا الصحابي الجليل الذي قال عنه صلى الله عليه وسلم:(أعلم أمتي بالحلال والحرام معاذ بن جبل) .
ومعاذ رضي الله تعالى عنه كما يقال في الاصطلاح الحاضر تولى عدة مناصب، قد كان معلِّماً لأهل مكة، وذلك إثر فتح مكة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ثم بعد ذلك بُعث إلى اليمن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وحينما وجهه قال:(بم تقضي يا معاذ؟ قال: أقضي بما في كتاب الله، قال: فإن لم تجد في كتاب الله؟ قال: بما في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فإن لم تجد في سنة رسول الله؟ قال: أجتهد رأيي ولا آلو، فقال صلى الله عليه وسلم: الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يحبه الله ورسوله) .
وهذا الحديث عمدة في باب القضاء، وإن كان بعض المتأخرين يتكلم على سنده، ولكن جميع علماء الحديث تلقوه بالقبول وسطروه ولم يضعفوه.
وبعد أن توفي النبي عليه الصلاة والسلام، عاد في خلافة عمر إلى المدينة، فبعثه عمر بن الخطاب إلى الشام لحاجة أهل الشام إلى من يفقههم في الدين.
وعند مالك في الموطأ من رواية الليثي: ١٧١١ - وحدثني عن مالك عن أبي حازم بن دينار عن أبي إدريس الخولاني أنه قال:(دخلت مسجد دمشق فإذا فتى شاب براق الثنايا، وإذا الناس معه إذا اختلفوا في شيء أسندوه إليه وصدروا عن قوله، فسألت عنه فقيل: هذا معاذ بن جبل، فلما كان الغد هجرت فوجدته قد سبقني بالتهجير، ووجدته يصلي قال: فانتظرته حتى قضى صلاته، ثم جئته من قبل وجهه فسلمت عليه، ثم قلت: والله إني لأحبك لله، فقال: آلله؟ فقلت: آلله، فقال: آلله؟ فقلت: آلله، فقال: آلله؟ فقلت: آلله، قال: فأخذ بحبوة ردائي فجبذني إليه وقال: أبشر فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قال الله تبارك وتعالى: وجبت محبتي للمتحابين في، والمتجالسين في، والمتزاورين في، والمتباذلين في) .