رأس الأمر الإسلام لأن الجسم بلا رأس لا قيمة له، فهو جثة هامدة، وكذلك كل الأعمال بدون الإسلام وإعلان الشهادتين لا قيمة لها.
والبيت بعموده، فكذلك الصلاة هي عماد الدين، وقد جاء في الحديث أنه بني الإسلام على خمس، وذكر صلى الله عليه وسلم الصلاة، وبيّن في أحاديث أخرى بأن ذاك البناء لا يقوم إلا بالصلاة:(العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر) ، واعتنى بها صلى الله عليه وسلم في تنشئة الصبيان والأطفال والناشئة فقال:(مروا أبناءكم بالصلاة لسبع سنين، واضربوهم عليها لعشر سنين، وفرقوا بينهم في المضاجع) ، إلى آخر ما يتعلق بهذين المثالين.
وإذا جئنا إلى سنام البعير نجد أحوال المسلمين وموضوع الجهاد أشبه ما يكون بسنام البعير، لأن السنام هو ذروة البعير وأعلاه، وسِمَن السنام عنوان على صحة البعير وقوته وخصب مرعاه، وضعف السنام واضمحلاله يدل على ضعف البعير وقلة مرعاه وهكذا الأمة الإسلامية كلما قويت شوكتها سمنت ذروة سنامها، وكانت في أقوى ما تكون وأكمله.
وإذا ما تضعضعت، ذاب السنام ولصق الجلد بالعظام، وهكذا ذروة السنام.
ومن ناحية أخرى نجد أن الأعمال بدون الإسلام لا قوام لها، وكذلك البيت بلا عمد لا ظل ولا إيواء، بل هو طنب مطوية أو لائطة بالأرض، أما السنام فقد يسمن ويكبر، وقد يهزل ويصغر والبعير قائم على حاله، كذلك الجهاد بالنسبة إلى الإسلام تارة فتارة، تارة يكون واجباً فرض عين، وتارة يكون مندوباً إليه، وتارة يكون فرض كفاية، فتتغير أحوال الجهاد في الأمة كما يتغير حال السنام في البعير.
والجهاد كما يقول العلماء: بذل الجهد، وهو أقصى ما يستطيعه الإنسان، تقول: فلان يجتهد في حمل الصخرة، ولا تقول يجتهد في حمل النواة، لأن النواة لا تحتاج إلى بذل جهد، تقول: أخذ الكتاب بيده، وتقول: حمل الكيس الكبير أو حمل الصخرة الثقيلة بعد جهد جهيد.
ومن هنا أخذ الاجتهاد في مسائل العلم، وهو: بذل الطاقة والجهد في البحث والتنقيب، فكذلك جهاد العدو، لأن المجاهد يبذل غاية جهده وطاقته ليتغلب على عدوه، وليس بعد الدفاع عن نفسه والظفر بعدوه من جهد، ومن هنا كان الجهاد شاقاً وثقيلاً على النفس؛ لأنه يكلفها أقصى جهدها وطاقتها.