أَما قول ابنِ عُمَر: "تَمَتَّعَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ": فهو محمول على التمتع اللغوي، وهو الانتفاع بإسقاط عمل العمرة والخروج إلى ميقاتها؛ فإنه - صلى الله عليه وسلم - كان قارنًا آخرًا؛ فإن ابن عمر روى أنه أحرم أولًا مفردًا، فتعين أن قوله: "تَمتَّعَ" على أنه كان قارنًا، وأدخل العمرة على الحج؛ لأجل سوق الهدي معه؛ فإن من ساق الهدي لا يتحلل حتى يبلغ الهدي محله؛ لقوله تعالى:{وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ}[البقرة: ١٩٦].
وإنما لم يفسخ الحج إلى العمرة؛ كما أمر غيره؛ لأجل ما كانت الجاهلية تعتقده من عدم جواز العمرة في أشهر الحج، فأراد - صلى الله عليه وسلم - إبطال ما كانوا عليه بفعله وقوله، وترفه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - باتخاذ الميقات بإدخال العمرة على الحج والفعل.
وقولهُ: "فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ بِالعُمْرة إلَى الحَج"؛ أي: بإدخال العمرة على الحج، وإنما قال: في حجة الوداع؛ لينفي تمتع الإحصار، وليدل بتعين ذلك فيها باستقرار حكم إدخال العمرة على الحج؛ حيث إنه الآخِر من فعله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع.
وقولهُ: "وَأَهْدَى فَسَاقَ الهَدْيَ مَعَهُ مِن ذِي الحُلَيْفَةِ" هو بيان للمكان الذي ابتدأ
(١) رواه البخاري (١٦٠٦)، كتاب: الحج، باب: من ساق البدن معه، ومسلم (١٢٢٧)، كتاب: الحج، باب: وجوب الدم على المتمتع.