وقوله:"وَلْيُهْدِ" المراد به: هدي التمتع، وهو واجب بشروط متفق عليها عند الشافعية، تقدم ذكرها في الحديث قبله قريبًا، واختلفوا في ثلاثة شروط أخر:
أحدها: نية التمتع.
والثاني: كون الحجِّ والعمرة في سنة واحدة وشهر واحد.
والثالث: كونهما عن شخص واحد.
والأصح عدم اشتراط هذه الثلاثة، والله أعلم.
وقولُه:"فَمَنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا" عدم وجدان الهدي يكون بذاته، وبعدم ثمنه، وبكونه يباع بأكثر من ثمن مثله، وبامتناع صاحبه من بيعه، فمتى وجد شيء من هذه الصور، انتقل المتمتع إلى الصوم، سواء كان واجدًا لثمنه في بلده أم لا.
وقولُه:"فَمَنْ لَمْ يَجِدِ الهَدْيَ، فَلْيَصُمْ ثَلاَثَةَ أيامٍ فِي الحَجِّ وَسَبْعَةً إذَا رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ": هذا موافق لنص كتاب الله تعالى، وقد تعلق وجوب الصوم بعدم وجدان الهدي، وإن كان قادرًا عليه في بلده، أو بأكثر من ثمن مثله، على ما بيناه؛ لأن صيامه ثلاثة أيام في الحجِّ إذا عدم الهدي لا يقتضي الاكتفاء بهذا البلد في الحال ثلاثة أيام في الحج، وهي محصورة، فلا يمكن أن يصوم في الحج إلا إذا كان قادرًا عليه في الحال، عاجزًا عن الهدي في الحال، وهو المراد.
واعلم أن أيام الحجِّ سبعة؛ أولها السابع من ذي الحجة، وآخرها الثالث عشر منه، ولِمَا بعدَ السابعِ منها أسماء، فالثامنُ: يوم التروية؛ لأن الناس يتروون فيه للذهاب إلى عرفة، والتاسع: يوم عرفة؛ لوقوفهم بها، والعاشر: يوم النحْرِ؛ لنحرهم الذبائح بمنى، والحادي عشر: يوم القر؛ لاستقرارهم بمنى، والثاني عشر: يوم النفر الأول؛ لجواز نفرهم منها لمن أراد التعجل، والثالث عشر: يوم النفر الثاني، فمن كان متمتعًا، وصام الأيام الثلاثة الأول من السبعة، فقد أتى بما وجب عليه، وإن كان أولى ترك صوم يوم عرفة، وصوم يوم قبل السبعة، ولا يجوز صوم يوم النحر بالإجماع؛ للنهي عن صومه، فإن لم يصمها قبله، وأراد صومها في أيام التشريق، اختلف قول الشافعي؛ في صحته، ومقتضى