للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأحاديث الصحيحة جوازه وصحته، والأشهر عنه: عدم الصحة، ويرجع ذلك إلى مقدمة، وهي أن أيام التشريق والمقام بمنى لأجل أفعال الحج الباقية، هل هي من أيام الحج، ووقتها من وقت الحج؟

ولا شك أن أيام الحج تنطلق عليها، ولا شك أن سبب وجوبها التمتع بالعمرة إلى الحج وعدم الهدي، فلا يجوز تقديم صومها على التمتع، ويجوز صومها بعد الفراغ من العمرة، وقبل الإحرام بالحج، والأفضل ألا يصومها حتى يحرم بالحج، فلو صامها قبل الفراغ من العمرة، لم يجز، وبه قال مالك، وجوزه الثوري، وأبو حنيفة، ولو ترك صيامها حتى مضى العيد والتشريق، لزمَهُ قضاؤها عند الشافعية، وقال أبو حنيفة: يفوت صيامها، ويلزمه الهدي إذا استطاعه، والمراد بالرجوع: انتهاؤه، وهو وصوله إلى وطنه وأهله، وقيل: ابتداؤه؛ وهو فراغه من الحج بمنى، ورجوعه إلى مكة من منى، وهما قولان للشافعي ومالك، وبالثاني قال أبو حنيفة، ولو لم يصم الثلاثة ولا السبعة حتى عاد إلى وطنه، لزمه صوم عشرة أيام.

وفي اشتراط التفريق بين الثلاثة والسبعة إذا أراد صومها خلاف:

قيل: لا يجب؛ لأنه أمر به تخفيفًا على المتمتع، وقد زال ذلك.

والصحيح: وجوبه، ليحكي القضاء الأداء، فيجب التفريق بقدر الواقع في الأداء، وهو بأربعة أيام، ومسافة الطريق بين مكة ووطنه، والله أعلم.

وقولُه: "وَطَافَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ قَدِمَ مَكَّةَ" هذا بيان لطواف المتمتع بتقديم العمرة على الحج، فيكون طوافه - صلى الله عليه وسلم - للقدوم، وهو مستحب لا واجب، والسنَّة فيه البداءة به أول قدومه قبل فعل كل شيء، وهو تحية المسجد الحرام؛ بخلاف باقي المساجد، فإن تحيته ركعتان.

وقولُه: "وَاسْتَلَمَ الرُّكْنَ أَوَّلَ شَيْءٍ" يعني: مسحه بيده، والسنَّة لمن دخل المسجد الحرام أن يبتدئ قبل طوافه باستلام الحجر الأسود، وهو المراد بقوله: واستلم الركن. والسر في البداءة به قبل الطواف؛ أنه يمين الله تعالى في الأرض،

<<  <  ج: ص:  >  >>