ومنها: عدم التنفُّل بين الصلاتين المجموعتين، ويعبر عن ذلك بوجوب الموالاة بينهما.
وفي ذلك تفضيل مذهب الشافعي؛ فإن جمع في وقت الأولى، لم يجز إلا بثلاثة شروط:
تقديم الأولى، فإن قدم الثانية، بطل.
وعدم الفصل بينهما، فإن فصل فصلًا طويلًا لم يتعلق بمصلحة الصلاة؛ كالتيمم والإقامة والأذان، على وجه ضعيف للشافعية، وقول في مذهب مالك، بطل الجمع، ولم تصح الثانية إلا في وقتها.
ونية الجمع قبل فراغ من الأولى أو عند الإحرام بها.
وإن جمع في وقت الثانية، استحبَّ عدم الفصل، ولم يشترط، فقوله:"لم يسبِّح بينهما ولا على إثرِ وَاحِدةٍ منهما" ليس فيه دليل على عدم الفصل، بل على عدم صلاة النفل بينهما فقط، ولا يلزم منه عدم الفصل؛ بدليل الرواية في "صحيح مسلم" أنه قال: "أقيمت الصلاة، فصلَّى المغرب، ثم أناخَ كلُّ إنسانٍ بعيرَهُ في منزلهِ، ثم أقيمت العشاء، فصلَّاها، ولم يصلِّ بينهما شيئًا"(١).
ومنها: عدم صلاة النفل في السفر، لكنها دلالة بعدم الفعل، وهي بمجردها لا تدل على عدم الاستحباب، بل تدل على تأخير فعل النفل في ذلك الوقت.
ومذهب الشافعي - رحمه الله - استحبابُ السنن الراتبة، لكنه يفعل التي قبل الصلاة قبلها، ولا يفعل بينهما شيئًا، بل يفعل الذي بعدها، وقبل الثانية بعدهما؛ بدليل صلاة النفل في السفر في حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -، وهو صحيح، والله أعلم.
* * *
(١) رواه مسلم (١٢٨٠)، كتاب: الحج، باب: الإفاضة من عرفات إلى المزدلفة، والبخاري أيضًا (١٥٨٨)، كتاب: الحج، باب: الجمع بين الصلاتين بالمزدلفة، عن أسامة بن زيد - رضي الله عنه -.