قرية جامعة من عمل الفرع، بينها وبين هرشى نحو من ستة أميال، وبينها وبين الأبواء نحو من ثمانية أميال، قريبة من الجحفة، وهي والأبواء بين مكة والمدينة، والله أعلم (١).
وقد تقدم الكلام عليه، وعلى حديث أبي قتادة، والجمع بينهما قبله.
وقوله:"أَهْدَى إلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - "؛ الأصل أنَّ أهدى يتعدَّى بإلى، كما في هذا الحديث، وقد ثبت تعديه باللام في بعض الروايات، فيكون اللام بمعنى إلى، ويحتمل أن يكون بمعنى أَجْل، وهو ضعيف.
وقوله:"حِمَارًا وَحْشِيًّا"؛ ظاهره أنه أهداه بجملته، وحمل على بعضه، وعلى ذلك دل تبويب البخاري، وقيل: إنه تأويل مالك، وعلى مقتضى هذا يستدل بالحديث على منع وضع المحرم يده على الصيد بطريق التملك بالهبة، ويقاس عليها ما في معناها من البيع وغيره، ورد هذا بالروايات المذكورة في الكتاب عن مسلم - رحمه الله - من قوله: عَجُز حمار، وشِقّ، أو رِجْل حمار؛ فإنها مصرحة بالبعض دون الجملة، وبكونه مذبوحًا، فيحمل قوله: حمارًا وحشيًّا على المجاز من باب تسمية البعض بالكل، أو على حذف المضاف، ولا تبقى فيه دلالة على منع تملك بعض الصيد بالهبة، بل فيه دلالة على منعه من وجه آخر على هذا التقدير؛ لأنه إذا منع من تملك بعض الصيد بالهبة، فلأن يحرم الكل بطريق الأولى، ويكون من باب التنبيه بالأقل على الأكثر.
والبحث في هذا راجع إلى معرفة حقيقة الهدية والهبة، فالهدية ما حملت إلى المهدى لقصد التودُّد وثواب الآخرة، بخلاف الهبة، فإن حقيقتها العطية مطلقًا، سواء حملت إلى الموهوب له، أم لا، وهي لا تقتضي التودُّد عرفًا، بل تقتضي طلب المكافأة والثواب الدنيوي عليها.
فالاستيلاء على الصيد لغير المحرم بشرطه بطريق الهدية جائز، وبطريق الهبة غير جائز؛ لكونه صيدًا يقتضي عوضًا دنيويًّا عُرفًا وتمنعًا، والإحرام ينافي ذلك