للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جميعه، ألا ترى أنه يحرم عقد النكاح على المحرم والمحرمة والولي، ولا ينعقد؛ لكونها حالة تنافي الإحرام؟ والله أعلم.

وقوله: "إِنَّا لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكَ إِلَّا أَنَّا حُرُمٌ"؛ فهمزة "إنَّا" الأولى مكسورة؛ لكونها ابتدائية، وهمزة "أنَّا" الثانية مفتوحة؛ لأنها تعليلية بحذف لام التعليل منها، والأصل: إلا لأنا، والدال في قوله: "نردَّهُ عليك" مفتوحة عند الأكثرين، وهو المشهور عند المحدثين، وهو مخالف لمذهب المحققين من النحاة؛ كسيبويه وغيره، فإن عندهم أنها مضمومة، وذلك في كل مضاعف مجزوم اتصل به هاء ضمير المذكر، وهو معلل عندهم بأن الهاء حرف خفي، فكأن الواو تالية للدال؛ لعدم الاعتداد بالهاء، وما قبل الواو يضم، وعبروا عن ضمها بالإتباع لما بعدها، وكذا الخلاف في ضمير المؤنث إذا اتصل بالمضاعف المشدَّد، فإنه يصح باتفاق، وحكي في الأول لغتان أخريان: إحداهما: الفتح كما يقوله المحدثون، والثانية: الكسر، وأنشدوا فيه:

قال أبو ليلى بحبلٍ مُدِّهْ ... حتى إذا مَدَدْتَه فشده

إن أبا ليلى نسيجُ وَحْدِهْ (١)

وحُرُمٌ: جمع حرام، وتعليله بذلك - صلى الله عليه وسلم - يقتضي منعَ أكل المحرمِ الصيدَ مطلقًا؛ حيث علل به مجردًا، والذين أباحوا أكله لا يكون مجرد الإحرام علة عندهم، بل العلة عندهم كونه صِيدَ لأجله؛ جمعًا بينه وبين حديث أبي قتادة كما تقدم.

قوله: "فَلَمَّا رَأَى مَا فِي وجهه" يريد: من التغير بسبب الكراهة، وقد صرح بذلك في بعض الروايات: "فلمَّا رَأَى مَا فِي وجهه من الكراهةِ".

وفي هذا الحديث أحكام:

منها: جواز الهدية وقبولها إذا لم يكن مانع يقتضي ردَّها.


(١) انظر: "مجالس ثعلب" (٢/ ٦٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>