فيكون قد باع شاة وصاعًا بصاع، وذلك خلاف قاعدة الربا عندكم، فإنكم تمنعون مثل ذلك.
السابع: إذا كان اللبن باقيًا، لم يكلف رده عندكم، فإذا أمسكه، فالحكم كما لو تلف، فيرد الصاع، وفي ذلك ضمان الأعيان مع بقائها، والأعيان لا تضمن بالبدل إلا مع فواتها؛ كالغصوب وسائر الضمونات.
الثامن: قال بعضهم: إذا ثبت الرد من غير عيب ولا شرط، فإن نقصان اللبن لو كان عيبًا، لثبت به الرد من غير تصرية، ولا يثبت في الشرع إلا بعيب أو شرط.
وجه آخر من ترجيحهم القياس على خبر الواحد: وهو أن ما كان من أخبار الآحاد مخالفًا لقياس الأصول المعلومة، لم يجب العمل به؛ لأن الأصول المعلومة مقطوع بها من الشرع، وخبر الواحد مظنون، والمظنون لا يعارض المعلوم، أجاب القائلون بظاهر الحديث بالطعن في الوجهين جميعًا؛ أعني: أنه مخالف للأصول به، وأنه إذا خالف الأصول، لم يجب العمل به:
أما الوجه الأول: وهو أنه مخالف للأصول، فقد فرق بعضهم بين مخالفة الأصول ومخالفة قياس الأصول، وخص الرد بخبر الواحد بالمخالفة في الأصول، لا بمخالفة قياس الأصول، وهذا الخبر إنما يخالف قياس الأصول، وسلك آخرون تخريج هذه الاعتراضات، والجواب عنها:
أما الاعتراض الأول: فلا نسلم أن جميع الأصول تقتضي الضمان بأحد الأمرين على ما ذكرتموه؛ فإن الحر يضمن بالإبل، وليست بمثل له ولا قيمة، والجنين يضمن بالغرة، وليست بمثل له ولا قيمة، و -أيضًا- فقد يضمن المثل بالقيمة إذا تعذرت المماثلة، وهاهنا تعذرت.
أما الأول: فمن أتلف شاة لبونًا، كان عليه قيمتها مع اللبن، ولا يجعل بإزاء لبنها لبنا آخر؛ لتعذر المماثلة، وتعذرها؛ لأن ما يرده من اللبن عوضًا عن التالف لا تتحقق مماثلته له في المقدار؛ لجواز أن يكون حال رده وعند العقد أكثرَ من اللبن الموجود أو أقل.