للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العمل به عندهم، ورجح بعضهم العمل بالحديث المرسل، مع أن العلماء اختلفوا في قبوله على القياس، وذلك مناقضة ظاهرة، فلينظر فيها نظر عارف منصف خال من الهوى والتعصب للمذاهب، ووجه ترجيحهم القياس على خبر الواحد في هذه المسألة من وجوه:

أحدها: أن المعلوم من الأصول أن ضمان المتلفات بالمثل، وضمان المتقومات بالقيمة من النقدين، وها هنا إن كان اللبن متلفًا، كان ينبغي على ما ذكروه ضمانة بمثله لبنًا، وإن كان متقومًا، ضمن بمثله من النقدين، وقد وقع هنا مضمونًا بالتمر، فهو خارج عن الأصلين جميعًا.

الثاني: أن القواعد الكلية تقتضي ضمان المضمون بقدر التلف، والمضمون هنا مختلف مقدر الضمان بمقدار واحد، وهو الصاع مطلقًا، فخرج عن القياس الكلي في اختلاف ضمان المتلفات باختلاف قدرها وصفتها.

الثالث: إن كان موجودًا عند العقد، فقد ذهب جزء من المعقود عليه من أصل الخلقة، وذلك مانع من الرد؛ كما لو أذهب بعض أعضاء المبيع، ثم ظهر على عيب، فإنه يمتنع الرد، وإن كان حادثًا بعد الشراء، فقد حدث على ملك المشتري، فلا يضمنه، وإن كان مختلطًا، فما كان منه موجودًا عند العقد، منع الرد، وما كان حادثًا، لم يجز ضمانه.

الرابع: إثبات الخيار ثلاثًا من غير شرط مخالف للأصول؛ فإن الخيار الثابت بأصل الشرع من غير شرط لا يتقدر بالثلاث؛ لخيار العيب، وخيار الرؤية عند من يثبته، وخيار المجلس عند من يقول به.

الخامس: يلزم من القول بظاهره الجمعُ بين الثمن والمثمن للبائع في بعض الصور، وهو ما إذا كانت قيمة الشاة صاعًا من تمر، فإنها ترجع إليه مع الصاع الذي هو مقدار ثمنها.

السادس: أنه مخالف لقاعدة الربا في بعض الصور، وهو ما إذا اشترى شاة بصاع، فإذا استرد معها صاعًا من تمر، فقد استرجع الصاع الذي هو الثمن،

<<  <  ج: ص:  >  >>