ومنها: تحريم بيع الحاضر للبادي، وتقدم الكلام على تفسيره وما يتعلق به مبسوطًا.
ومنها: تحريم التصرية، وتقدم جميع ما يتعلق بها.
واعلم أن أبا حنيفة لم يقل بحديث المصراة، ورُوي عن مالك قول -أيضًا- بعدم القول به، ورأيت جماعة اعتذروا عن أبي حنيفة - رضي الله عنه - بأنه لم يبلغه حديث المصراة، ومقتضى مباحث الحنفية وكلامهم بلوغ الحديث إياه، حتى إن بعضهم طعن في حديث المصراة، وقال: أبو هريرة الذي روى هذا الحديث غير مقبول.
روى السمعاني في "مذيله على تاريخ بغداد" عن أبي المعمر المبارك بن أحمد بن عبد العزيز الأزجي من لفظه، عن الفقيه الإمام أبي القاسم يوسف بن علي الزنجاني -رحمه الله- قال: سمعت شيخنا الإمام أبا إسحاق الشيرازي يقول: سمعت القاضي أبا الطيب طاهر بن عبد الله الطبري -رحمه الله- يقول: كنا في حلقة النظر بجامع المنصور، فجاء شاب خراساني، فسأل عن مسألة المصراة، وطالب بالدليل، فاحتجَّ المستدل بحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - الوارد فيها، فقال الشاب -وكان حنفيًّا-: أبو هريرة غير مقبول الحديث، قال القاضي: فما استتمَّ كلامه حتى سقطت عليه حيَّة عظيمة من سقف الجامع، فوثب الناس من أجلها، وهرب الشاب من يدها وهي تتبعه، فقيل له: تُبْ، فقال: تبت! فغابت الحية، فلم يرَ لها أثرًا، وهذا إسناد جليل صحيح، رواته كلهم أئمة جلة مبرزون حفاظ علماء متقنون (١).
ولا شك أن كلام الحنفية عن إمامهم متناقض في العمل بخبر الواحد، والقياس عند تعارضهما، فرجح بعضهم العمل بالقياس الجلي على خبر الواحد، إذا كان الخبر مخالفًا لقياس الأصول المعلومة، فإن ما كان كذلك، لم يلزم