ومنهم: من حمله على التحريم فقط، وقال: يصح الفعل والعقد، ويكون آثمًا بفعله وعقده.
ومنهم: من فضَّل، فقال: إن كان الوصف لأجل ذات المنهي عنه؛ كالذهب والفضة والحرير، اقتضى التحريم، وفساد الفعل؛ لأن التحريم فيها للسرف والخيلاء، وما فيها من تغير الحكمة في الذهب والفضة عما وضعت له، وهو كونهما نقدًا قيمًا للأشياء، ومن تغير الحكمة في الحرير بجعله للإناث دون ذكورهم؛ حيث إن لبسه للرجال يورث الإتراف والخنوثة والكسل، وذلك جميعه مناف لصفة الرجال، وإن كان الوصف لأمرٍ خارج عن المنهي عنه؛ كبيع الركبان، والبيع وقت النداء، اقتضى التحريم وصحة العقد، والله أعلم.
واعلم: أنه إذا قلنا بصحة بيع الركبان وعدم الإثم؛ حيث لعلها لا عذر للركبان؛ بأن كانوا عالمين بالسعر، فلا خيار لهم، وإن لم يكونوا عالمين، واشترى منهم بأرخص من السعر في البلد، سواء أخبرهم به كاذبًا أم لم يخبرهم، فلهم الخيار، وإن اشترى منهم مثل سعر البلد أو أكثر، ففي ثبوت الخيار لهم وجهان في مذهب الشافعي: منهم من نظر إلى انتفاء العذر لهم والضرر، وهو معنى عدم النهي، فلم يثبت الخيار، ومنهم من نظر إلى عموم حديث ورد في ثبوت الخيار، فجرى على ظاهره، ولم يلتفت إلى المعنى، وحيث أثبتا الخيار، فهل يكون على الفور، أم يمتد إلى ثلاثة أيام؟ وجهان للشافعية، أظهرهما: الأول.
ومنها: تحريم البيع على بيع أخيه، وتقدم شرطه ومعناه وما يتعلق بذلك.
ومنها: تحريم النجش، وتقدم اشتقاقه ومعناه.
وأما إثبات الخيار للمشتري الذي غر بالنجش؛ فإن لم يكن عن مواطأة من البائع، فلا خيار عند أصحاب الشافعي، وإن كان عن مواطأة منه، فالفعل حرام من البائع والناجش؛ لما فيه من الخديعة، ويثبت للمشتري الخيار، ومن الفقهاء من قال: إن البيع باطل مطلقًا، وقال الشافعي: صحيح.