للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن نفس الحدث؛ كراهيةً لذكره بخاصِّ اسمه، والمراحيضُ: جمع المِرْحاض، وهو المغتسَل، وهو -أيضًا- كنايةٌ عن موضع التَّخَلِّي.

أمَّا أبو أَيُّوب، فاسمه: خالدُ بنُ زيدِ بنِ كُليبِ بنِ ثعلبةَ، الخزرجي، نَجَّاريٌّ، شهد بدرًا والمشاهدَ كلِّها مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وشهد العقبةَ الثانيةَ، وبايع -أيضًا-، ونزل عليه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حين قدمَ المدينةَ شهرًا حتى بُنيت مساكنُه ومسجدُه، وقال أبو أيوبَ: لمَّا نزلَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في بيتي، نزل في السُّفْل، وأنا وأمُّ أيُّوبَ في العُلْوِ، قال: فقلت له: بأبي أنتَ وأُمِّي! إنِّي أكره وأُعْظِمُ أَنْ أكونَ فوقَك وتكونَ تحتي، فكنْ أنتَ في العلوِ، وننزلُ نحن فنكون في السفْل، قالَ: "يا أَبا أيوبَ! إنَّ أَرْفَقَ بِنا وَبِمَنْ يَغْشَانَا أَنْ نَكُونَ في أَسْفَلِ البَيْتِ"، قال: فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سُفْله، وكنا فوقَه في المسكن، فلقد انكسر جُبٌّ لنا فيه ماءٌ، فقمت أنا وأمُّ أيوبَ بقَطيفةٍ لنا ما لنا لحافٌ غيرها ننشِّفُ بها الماءَ؛ خوفًا أَنْ يقطرَ على رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - شيءٌ (١).

ولمَّا تُحُدِّث في الإفك، وقالت له أمُّ أيوب: ألم تسمعْ ما يتحدث به النَّاس؟ وأخبرته، فقال - رضي الله عنه -: ما يكونُ لنا أَنْ نتكلمَ بهذا -سبحانَ الله- هذا بهتانٌ عظيمٌ، فأنزل الله الآية: {وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ} [النور: ١٦] إلى آخرها (٢).

رُوِيَ له عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مئةٌ وخمسونَ حديثًا، اتَّفق البخاري ومسلمٌ منها على سبعةٍ، وانفرد البخاري بحديثٍ واحدٍ، ومسلمٌ بخمسةٍ.

رَوَىَ عنه: البراءُ بنُ عازبٍ، وجابرُ بنُ سَمُرَةَ، والمقدادُ بنُ معدي كَرِب، وأبو أمامةَ الباهلي، وزيدُ بنُ خالدِ الجهني، وعبدُ الله بنُ عبَّاسٍ، وعبدُ الله بنُ يزيدَ الخطميُّ -رضي الله عنهم أجمعين-، وخلقٌ كثيرٌ من التَّابعين.


(١) رواه ابن أبي عاصم في: "الآحاد والمثاني" (١٨٨٦)، والطبراني في "المعجم الكبير" (٣٨٥٥)، والحاكم في "المستدرك" (٥٩٣٩)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (١٦/ ٤٣).
(٢) رواه إسحاق بن راهويه في "مسنده" (١٦٩٨)، والطبراني في "المعجم الكبير" (٢٣/ ٧٦)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (١٦/ ٤٨). وانظر: "الدر المنثور" للسيوطي (٦/ ١٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>