للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ينتفع برضاضها، ففي صحة بيعها وجهان، وكذلك بيع آلات اللهو إذا كان ينتفع بها إذا كسرت وفصلت، فيه وجهان: الراجح: المنع؛ لظاهر النهي وإطلاقه في بيعها، ومنهم من جوزه اعتمادًا على الانتفاع بأجزائها، وتأول الحديث على ما لا ينتفع بمفصله، أو على كراهة [التنزيه] في الأصنام خاصة.

ومنها: أن ما لا يحلُّ كله والانتفاع به، لا يجوز بيعه، ولا يحل أكل ثمنه؛ كما في الشحوم المذكورة في الحديث.

واعترض بعض اليهود والملاحدة بأن الابن إذا ورث من أبيه جارية كان وطئها الأب، فإنها تحرم على الابن، ويحل له بيعها بالإجماع، ويأكل ثمنها، وهذا تمويه منهم على من لا علم عنده؛ لأن جارية الأب لا تحرم على الابن منها غير الاستمتاع على هذا الولد دون غيره من الناس، ويحل لهذا الابن الانتفاع بها في جميع الأشياء سوى الاستمتاع، ويحل لغيره الاستمتاع وغيره، بخلاف الشحوم؛ فإنها محرمة، [و] المقصود منها وهو الأكل منها على جميع اليهود، وكذلك شحوم الميتة محرمة الأكل على كل أحد، فكان ما عدا الأكل تابعًا؛ بخلاف موطوءة الأب.

ومذهب الشافعي -رحمه الله- الصحيح عند أصحابه: أنه يجوز الانتفاع بشحوم الميتة في طلي السفن، والاستصباح بها، وغير ذلك ما لم يؤكل، ولا يستعمل في بدن آدمي، وبذلك قال عطاء بن أبي رباح، ومحمد بن جرير الطبري، وقال الجمهور: لا يجوز الانتفاع به في شيء أصلًا؛ لعموم النهي في الانتفاع بالميتة إلا ما خص بدليل، وهو الانتفاع بجلد الميتة المدبوغ.

وأما الزيت والسمن وغيرهما من الأدهان التي أصابها نجاسة، فهل يجوز استعمالها [بالاستصباح] وغيره في غير الأكل، وغير البدن، أو بجعل الزيت النجس صابونًا، أو يطعم العسل المتنجس للنحل، أو يطعم الميتة لكلابه، أو يطعم الطعام النجس لدوابه، وكل ذلك فيه وجهان لأصحاب الشافعي، [الصحيح عندهم: جواز جميع ذلك، ونقل فيه خلاف السلف -أيضًا-، ونقله

<<  <  ج: ص:  >  >>