للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها: تحريم بيع الميتة، وأُخذ من تحريم بيعها نجاستُها، وكذلك أُخذ من بيع الخمر والخنزير نجاستُهما، وعدَّوا العلة فيهما بالنجاسة إلى تحريم بيع كل نجس؛ فإن الانتفاع بها لم يعدم، أما في الميتة والخنزير، فإنه ينتفع بهما في إطعام الجوارح، وأكل المضطرين إذا أشرفوا على الهلاك، وشرب الغاصِّ بلقمةٍ خمرًا يُسيغها بها إذا لم يجد غيرها، وكل ذلك جائز، ومع هذا يحرم بيعها، فدل على أن العلة في تحريم بيعهما النجاسة.

وقد نقل ابن المنذر في كتابه "الإجماع" (١) إجماعَ العلماء على نجاسة الخنزير، وعن بعض المالكية فيه وفي الكلاب خلاف.

وقال الرافعي -رحمه الله- في "الشرح الكبير"، وعن مالك -رحمه الله-: إن الكلب والخنزير طاهران، ويغسل من ولوغهما تعبدًا، وأخذ العلماء من تحريم بيع الميتة تحريم بيع جثة الكافر إذا [قتلناه]، وطلب الكفار شراءه أو دفع عوض عنه.

وقد روى الترمذي حديثًا في منع بيع جثة الكافر (٢)، وجاء في الحديث: أن نوفلَ بنَ عبد الله المخزوميَّ قتله المسلمون يومَ الخندق، فبذل الكفار في [جسده] عشرةَ آلاف درهم للنبي - صلى الله عليه وسلم -: فلم يأخذْها، ودفعه إليهم (٣).

ومنها: تحريم بيع الخنزير، وتقدم الكلام عليه قريبًا.

ومنها: تحريم بيع الأصنام، والعلَّة في ذلك كونها ليس فيها منفعة مباحة، وذلك يمنع صحة البيع، وقد يكون منع بيعها مبالغة في التنفير عنها.

قال أصحاب الشافعي -رحمه الله-: فلو كانت الأصنام بحيث إذا كسرت


(١) انظر: "ص: ٩٥".
(٢) رواه الترمذي (١٧١٥)، كتاب: الجهاد، باب: ما جاء: لا تفادى جيفة الأسير، وقال: حسن غريب، عن ابن عباس - رضي الله عنهما -: أن المشركين أرادوا أن يشتروا جسد رجل من المشركين، فأبى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يبيعهم إياه.
(٣) انظر: "السيرة النبوية" لابن هشام (٣/ ٢٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>